أَرَادُوا النَّقْلَةَ مِنْهُ إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا تَحْتَسِبُونَ خُطَاكُمْ" 1، فَقَدْ فَهِمَ مَالِكٌ أَنَّ قَوْلَهُ: "أَلَا تَحْتَسِبُونَ خُطَاكُمْ" لَيْسَ مِنْ جِهَةِ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ، وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ فَضِيلَةِ الْمَحِلِّ2 الْمُنْتَقَلِ عنه.
__________
1 أخرج البخاري في "الصحيح" "كتاب الأذان، باب احتساب الآثار 2/ 139/ رقم 655" عن أنس مرفوعا: "يا بني سلمة! ألا تحتسبون آثاركم؟ " وقال عقبه: "قال مجاهد في قوله: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} . قال: خطاهم.
وأخرجه أيضا رقم "655" عن أنس بلفظ: "إن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم: "قال: فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعَرُّوا المدينة، فقال: "ألا تحتسبون آثاركم؟ " قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، أن يُمشى في الأرض بأرجلهم".
وأخرجه أيضا في "صحيحه" "كتاب فضائل المدينة، باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تُعرى المدينة 4/ 99/ رقم 1887" بنحو اللفظ الثاني.
2 كما ورد في البخاري في "صحيحه" "رقم 1534، 2337، 7343"، وأبي داود في "السنن" "رقم 1800" عن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي العقيق يقول: "أتاني آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي، وقل: عمرة وحجة".
وأخرج أبو داود عن مالك، قال: "لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل إلى المدينة حتى يصلي ركعتين أو ما بدا له، وهو على مسافة ستة أميال من المدينة، ويؤخذ من حديث الترمذي: "كانت بنو سلمة في ناحية المدينة"، ومن كون العقيق على ستة أميال من المدينة أن العقيق غير مساكن بني سلمة، فإذا تم هذا، كانت الفضيلة هنا غير الفضيلة في مساكن بني سلمة، فهذه كأنها رباط وحراسة للمدينة، بخلاف العقيق، فالأشبه أن يكون تعبُّدًا، إلا أن الأمر يحتاج إلى إثبات أنها حادثة أخرى. "د".