كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

- وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اطَّلع عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ1 وَمِنْ عُمَرَ2 وَلَمْ يطَّلِع عُمَرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ.
- وَمِنْهَا: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كان آمنا من نزعات الشَّيْطَانِ وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ، وَعُمَرُ لَمْ يَكُنْ آمِنًا وَإِنْ بعُد عَنْهُ.
وَأَمَّا مَنَقَبَةُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَرِدْ مَا يُعَارِضُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ نَقُولُ: هُوَ أَوْلَى بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا عَنْ نَفْسِهِ؛ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهَا عَدُمُهَا.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ لِخَاصِّيَّةٍ كَانَتْ فِيهِ وَهَى شِدَّةُ حَيَائِهِ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً، وَأَشَدَّ3 حياء من العذارء فِي خِدْرِهَا4، فَإِذَا كَانَ الْحَيَاءُ أَصْلَهَا، فَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الَّذِي حَوَاهُ عَلَى الْكَمَالِ.
وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يَجْرِي الْقَوْلُ فِي أُسَيْدٍ وَصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ الْإِضَاءَةُ حَتَّى يُمْكِنَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا بِلَا كُلْفَةٍ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَكُنِ الظَّلَامُ يَحْجُبُ بَصَرَهُ، بَلْ كَانَ يَرَى فِي الظُّلْمَةِ كَمَا يَرَى فِي الضَّوْءِ5، بَلْ كَانَ لَا يَحْجُبُ بَصَرَهُ مَا هُوَ أَكْثَفُ مِنْ حِجَابِ الظلمة، فكان يرى
__________
1، 2 أي: في شأنه صلى الله عليه وسلم وفي شأن عمر. "د".
3 في "ط": "أو أشد".
4 أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب المناقب، صفة النبي صلى الله عليه وسلم 6/ 566/ رقم 3562، وكتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب 10/ 513/ رقم 6102، وباب الحياء 10/ 521/ رقم 6119"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم 4/ 1809/ رقم 2320" عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.
5 أخرج تمام في "الفوائد" "رقم 1430- تربيته"، وابن عدي في "الكامل" "4/ 1534" -ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" "6/ 74-75"، وابن الجوزي في "الواهيات" "1/ 118/ رقم 266"، والخطيب في تاريخ بغداد" "4/ 271-272"، ومكي المؤذن في "حديثه" "1/ 236"، والضياء المقدسي في "المنتقى من حديث أبي علي الأوقي" "1/ 2"-كما في "السلسلة الضعيفة" "رقم 341"- من طريق زهير بن عباد الرواسي عن عبد الله بن المغيرة عن المعلي بن هلال =

الصفحة 442