كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامِهِ1، وَهَذَا أَبْلَغُ، حَيْثُ كَانَتِ الْخَارِقَةُ فِي نَفْسِ الْبَصَرِ لَا فِي الْمُبْصِرِ بِهِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَرَامَاتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي أُمَّتِهِ [مِنْ] 2 بَعْدِهِ وَفِي زَمَانِهِ.
فَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ3، وَالْأَخْذُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ
__________
= عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَى فِي الظُّلْمَةِ كَمَا يَرَى فِي الضَّوْءِ".
وإسناده ضعيف جدا، قال البيهقي: "هذا إسناد فيه ضعف"، وقال ابن الجوزي: "لا يصح".
المعلى بن هلال اتفق النقاد على تكذيبه، كما قال ابن حجر، والراوي عنه عبد الله بن محمد بن المغيرة، قال أبو حاتم: "ليس بقوي" وقال ابن يونس: "منكر الحديث"، وقال العقيلي: "يحدث بما لا أصل له"، كذا في "اللسان" "3/ 332"، وأورد الذهبي في "الميزان "2/ 487-488" في ترجمته جملة من الأحاديث منها المذكور، ثم قال: "قلت: وهذه موضوعات"، وضعف هذا الحديث ابن دحية في كتابه "الآيات البينات"، قاله المناوي في "فيض القدير" "5/ 215".
قلت: ونقل تضعيفه فيه عن ابن بشكوال، كما قال ابن الملقن في "غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم "ص299".
وعزاه السيوطي في "الخصائص الكبرى" "1/ 61" لابن عساكر، وهو في "تاريخه" مرسلا، وفيه بعض المجاهيل، أفاده شيخنا الألباني.
وأخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 75" بسند فيه جماعة مجهولون عن مغيرة بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار من الضوء". وقال: "ليس بالقوي".
ووردته قصة تدل على وهاء هذا الحديث، ولكنها من القصص التي لا تثبت، كما تراه في هامش "غاية السول" "ص472".
1 سيأتي تخريجه "ص274"، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم في الصلاة فحسب.
2 سقط من "ط".
3 الأحسن من هذا الذي قرره المصنف ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "11/ 398": "ليس كل عمل أورث كشوفا أو تصرفا في الكون يكون أفضل من العمل =

الصفحة 443