لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلِيلِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّ فَتْحَ هَذَا الْبَابِ يُؤَدِّي إلى أن يُحْفَظَ تَرْتِيبُ الظَّوَاهِرِ، فَإِنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، فَالْعُذْرُ فِيهِ [ظَاهِرٌ] 1 وَاضِحٌ، وَمَنْ طَلَبَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَمْرٍ غَيْبِيٍّ رُبَّمَا شَوَّشَ الْخَوَاطِرَ، وَرَانَ عَلَى الظَّوَاهِرِ، وَقَدْ فُهِمَ مِنَ الشَّرْعِ سَدُّ هَذَا الْبَابِ جُمْلَةً، أَلَا تَرَى إِلَى بَابِ الدَّعَاوَى الْمُسْتَنِدِ إِلَى أَنَّ "الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"2، وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ، حَتَّى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتاج إلى البينة
__________
= إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر: ألا نقتُل يا نبي الله هذا الخبيث؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه".
وأخرجه بنحوه البخاري أيضا "كتاب التفسير، باب قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُم} 8/ 648-649/ رقم 4905، وباب: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة} 8/ 653/ رقم 4905".
1 سقط من "ط".
2 أخرجه البيهقي في "الكبرى" "10/ 252" من طريق أبي القاسم الطبراني، عن الفريابي: ثنا سفيان، عن نافع، عن أبي مليكة، عن ابن عباس رفعه، بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"، وقال: "قال أبو القاسم: لم يروه عن سفيان إلا الفريابي".
وأخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدَّعِي واليمين على المدَّعَى عليه/ رقم 2514، وكتاب الشهادات، باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود/ رقم 2668، وكتاب التفسير، باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} رقم 4552"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه / رقم 1711" بلفظ: "واليمين على المدعى عليه" دون "البينة على المدعي".
وذكر "البينة....." من أخطاء سفيان أو الفريابي، فإن الجماهير رووه عن نافع دونها، وانظر: "إرواء الغليل" "8/ 264-265/ رقم 2641".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "35/ 391" في هذا الحديث باللفظ المذكور: ليس إسناده في الصحة والشهرة مثل غيره، ولا رواه عامة أهل السنن المشهورة، ولا قال بعمومه أحد من علماء الملة"، ونحوه عند ابن القيم في "الطرق الحكمية" "87-88، 110-111".