الْمُكَلَّفُ بِهَا أَمْرًا أَوْ نَهْيًا، وَمُسَبِّبَاتُهَا خَلْقٌ لِلَّهِ، فَالْخَوَارِقُ مِنْ جُمْلَتِهَا.
وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ مَا نَشَأَ عَنِ الْأَسْبَابِ مِنَ الْمُسَبَّبَاتِ، فَمَنْسُوبٌ إِلَى الْمُكَلَّفِ حُكْمُهُ مِنْ جِهَةِ التَّسَبُّبِ، لِأَجْلِ أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ فِي الْمُسَبَّبَاتِ أَنْ تَكُونَ عَلَى وِزَانِ الْأَسْبَابِ فِي الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْوِجَاجِ، وَالِاعْتِدَالِ وَالِانْحِرَافِ، فَالْخَوَارِقُ مُسَبِّبَاتٌ عَنِ الْأَسْبَابِ التَّكْلِيفِيَّةِ، فَبِقَدْرِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي الْأَعْمَالِ وَتَصْفِيَتِهَا مِنْ شَوَائِبِ الْأَكْدَارِ وَغُيُومِ الْأَهْوَاءِ تَكُونُ الْخَارِقَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ1، فَكَمَا أن يُعْرَفُ مِنْ نَتَائِجِ الْأَعْمَالِ الْعَادِيَّةِ صَوَابُ تِلْكَ الْأَعْمَالِ أَوْ عَدَمِ صَوَابِهَا، كَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطُّورِ: 16] .
وَقَالَ: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [يُونُسَ: 52] .
"إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إياها" 2.
__________
= محمود" على ذلك، وبنى عليه في الوجه الثالث عشر من "المسألة العاشرة" المتقدمة قريبا جواز تحدي الولي بالخارق لإثبات ولايته، وانظر: "أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم" "1/ 258" للأشقر، ونقل ابن تيمية في "قاعدة شريفة في المعجزات والكرامات" "ص25" عن أبي علي الجوزجاني قوله: "كن طالبا للاستقامة، وربك يطلب منك الاستقامة" وعلق عليه بكلام جيد، ثم قسم طالبي الكرامات "ص37" إلى أقسام، وقرر أن بعضهم أعذر من بعض في ذلك، فراجع كلامه إن أردت الاستزادة.
1 ليس هذا على إطلاقه كما سبق بيانه في التعليق على "440-441".
2 قطعة من حديث إلهي طويل أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1994-1995/ رقم 2577"، والترمذي في "الجامع" "أبواب صفة القيامة، باب منه، 4/ 656-657/ رقم 2495"- وقال: "هذا حديث حسن"، وابن ماجه في "السنن" "كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، 2/ 1422/ رقم 4257"، وعبد الرزاق في "المصنف" "رقم 20272"، والخطيب في "تاريخه" "7/ 203-204"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص65، 159، 213، 214، 227، 285"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 125-126" من حديث أبي ذر رضي الله عنه.