كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

فِيهِمَا مِنَ الْمَنَافِعِ1 وَالتَّصَارِيفِ وَالْأَحْوَالِ، وَأَنَّ سُنَّةَ اللَّهِ لَا تَبْدِيلَ لَهَا، وَأَنَّ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ، كَمَا جَاءَ بِإِلْزَامِ الشَّرَائِعِ عَلَى ذَلِكَ الْوِزَانِ أَيْضًا، وَالْخَبَرُ مِنَ الصَّادِقِ لَا يَكُونُ بِخِلَافِ مُخْبَرِهِ2 بِحَالٍ، فَإِنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا "مُحَالٌ"3.
وَالثَّالِثُ:
أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ اطِّرَادَ الْعَادَاتِ معلوم، لما عرف الذين مِنْ أَصْلِهِ، فَضْلًا عَنْ تَعَرُّفِ فُرُوعِهِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا عِنْدَ الِاعْتِرَافِ بِالنُّبُوَّةِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِهَا إِلَّا بِوَاسِطَةِ4 الْمُعْجِزَةِ وَلَا مَعْنَى لِلْمُعْجِزَةِ إِلَّا أَنَّهَا فِعْلٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ، وَلَا يَحْصُلُ فِعْلٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ إِلَّا بَعْدَ تَقْرِيرِ اطِّرَادِ الْعَادَةِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ كَمَا اطَّرَدَتْ فِي الْمَاضِي، وَلَا مَعْنَى لِلْعَادَةِ إِلَّا أَنَّ الْفِعْلَ الْمَفْرُوضَ لَوْ قُدِّرَ وُقُوعُهُ غَيْرَ مُقَارِنٍ لِلتَّحَدِّي لَمْ يَقَعْ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْلُومِ فِي أَمْثَالِهِ، فَإِذَا وَقَعَ مُقْتَرِنًا بِالدَّعْوَةِ خَارِقًا لِلْعَادَةِ، عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ كَذَلِكَ مُخَالِفًا لِمَا اطَّرَدَ إِلَّا وَالدَّاعِي صَادِقٌ، فَلَوْ كَانَتِ الْعَادَةُ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ، لَمَا حَصَلَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ اضْطِرَارًا5 لِأَنَّ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ الْخَارِقِ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى بِدُونِ اقْتِرَانِ الدَّعْوَةِ وَالتَّحَدِّي، لَكِنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ مَعْلُومٌ أَيْضًا، وهو المطلوب.
__________
1 كمنافع الشمس والقمر وسائر الكواكب، والماء والنار، والأرض وما عليها، والبحار وما فيها، والتصاريف أي الأسباب والمسببات في هذه الأمور وفي أفعال الإنسان والحيوان، وما ينشأ عن ذلك، والأحوال، أي من الحياة والموت والصحة والمرض والملاذ والشهوات، إلى غير ذلك من السنن الكونية التي ربط بها الخالق هذه الكائنات. "د".
2 في الأصل ونسخة "ماء/ ص 209": "بخلاف غيره".
3 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
4 في "ط": "بوساطة".
5 لأن لا سبب للعلم بالمصدق إلا العلم باستقرار العادة، وأن خرقها لا يكون بدون الدعوة والتحدي، فقوله: لأن وقوع..... إلخ" تكميل لتوجيه الملازمة. "د".
قلت: في الأصل: "حصل العمل العلم" ولا محل لهذه الزيادة.

الصفحة 484