كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ1.
وَكَذَلِكَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْخِلَافِيِّونَ فِي قِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا طَهَارَةٌ تَعَدَّتْ مَحَلَّ مُوجَبِهَا، فَتَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ مُنَاسِبٍ يَصْلُحُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، بَلْ هُوَ مِنَ الْمُسَمَّى شُبَهًا2، بِحَيْثُ لَا يَتَّفِقُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ الْقَائِلُونَ، وَإِنَّمَا يَقِيسُ بِهِ مَنْ يَقِيسُ بَعْدَ أَنْ لَا يَجِدَ سِوَاهُ، فَإِذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ لَنَا عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ تَشْهَدُ لَهَا الْمَسَالِكُ الظَّاهِرَةُ3؛ فَالرُّكْنُ الْوَثِيقُ الَّذِي يَنْبَغِي الِالْتِجَاءُ إليه
__________
1 ورد ذلك في عدة أحاديث، منها ما أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس 2/ 58/ رقم 582، وباب لا يُتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 2/ 60/ رقم 585، وكتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، باب مسجد قباء 3/ 68/ رقم 1192، وكتاب الحج، باب الطواف بعد الصبح والعصر 3/ 488 / رقم 1629، وكتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده 6/ 335/ رقم 3273"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها 2/ 567" عن ابن عمر مرفوعا: "ولا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها؛ فإنها تطلع بقرني شيطان" لفظ مسلم، ولفظ البخاري في آخر موطن مذكور: "ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان، أو الشيطان".
2 الراجح أن هذا النوع من القياس ليس بحجة؛ فإنه لخلوه من إدراك المناسبة لا يفيد ظن العلية ظنا يعتد به في تقرير أحكام الله، ثم إن المعتمد في إثبات القياس عمل الصحابة ولم يثبت عنهم أنهم تمسكوا به في حال. "خ".
3 هي المناسبة، والنص بأنواعه، والإجماع، والسبر والتقسيم ثم الدوران، أما الشبه، فليس من المسالك عند الشافعية، قال السبكي: "وقد كثر التشاجر في تعريف هذه المنزلة، ولم أجد لأحد تعريفا صحيحا فيها"، ثم قال: "إنه يطلق على معانٍ، والمراد به هنا وصف مناسبته للحكم ليست بذاته، بل بسبب مشابهته للوصف المناسب لذاته شبها خاصا؛ أي: يشبهه فيما يظن كونه علة الحكم أو مستلزما لها، سواء أكانت المشابهة في الصورة أم المعنى، وذلك كالطهارة =

الصفحة 517