كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)

الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ1، وَنَفْسُ الْمُكَلَّفِ أَيْضًا دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْحَقِّ؛ إِذْ لَيْسَ لَهُ التَّسْلِيطُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بِالْإِتْلَافِ.
فإذن الْعَادِيَّاتُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ اللَّهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ الْكُلِّيِّ الدَّاخِلِ تَحْتَ الضَّرُورِيَّاتِ.
وَالثَّانِي:
مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ التَّفْصِيلِيِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الْخَلْقِ، وَإِجْرَاءُ الْمَصْلَحَةِ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، فَصَارَ الْجَمِيعُ ثَلَاثَةَ أقسام2
__________
= بناءه، فالتشريع غير منقطع الصلة بالأخلاق، وينفي عن التشريع الإسلامي صفة الفردية"، ويقول أيضا: "والإنسان الذي يؤمن هذا الإيمان ويعمل في الحياة في هذا الطريق ليس هو الإنسان الفرد المنعزل، بل هو الإنسان الموجود في إطار اجتماعي".
خامسا:
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" "1/ 108": "والحقوق نوعان: حق الله، وحق الآدمي؛ فحق الله لا مدخل للصلح فيه، كالحدود والزكوات، والكفارات، ونحوها؛ وأما حقوق الآدميين، فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعارضة عليها".
1 أيك فليس كل حق للعبد له إسقاطه؛ فالنفس للشخص حق المحافظة عليها ولله ذلك الحق أيضا، ولكنه لا يسقط إذا أسقطه العبد بتعريضها للتلف، بل يؤاخذ المعتدي والمعترض، وهكذا كل الضروريات العادية من عقل ونسل ومال، وهو ما يشير إليه قوله: "من جهة الوضع الكلي الداخل تحت الضروريات". "د".
قلت: انظر في هذا: "الفروق" "2/ 140 وما بعدها، الفرق الثاني والعشرون"، و"أصول الفقه" "ص46" لأبي زهرة.
2 لأن العادات فيها حق الله الصرف؛ وهو النظر الكلي، حتى لا يصح مثل تحريم ما أحل الله؛ وحق لله على العبد بالنسبة لغيره يسقط إذا أسقطه العبد، وحق له كذلك لا يسقط ولو أسقطه، فالأخيران حق لله على العباد يتعلق بهم بالنسبة لأشخاص آخرين كما هو ظاهر في الأمثلة بخلاف القسم الأول؛ فهو حق لله على العبد مباشرة ألا يحرم ما أحله ولا يفسد مال نفسه مثلا بقطع النظر عن عبد آخر. "د".

الصفحة 546