كتاب الموافقات (اسم الجزء: 2)
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
إِذًا1، ثَبَتَ أَنَّ الشَّارِعَ قَدْ قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية، فذلك1 عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَلُّ لَهَا بِهِ نِظَامٌ، لَا بِحَسَبِ الْكُلِّ وَلَا بِحَسَبِ الْجُزْءِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الضَّرُورِيَّاتِ أَوِ الْحَاجِيَّاتِ أَوِ التَّحْسِينِيَّاتِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَخْتَلَّ نِظَامُهَا أَوْ تَنْحَلَّ2 أَحْكَامُهَا، لَمْ يَكُنِ التَّشْرِيعُ مَوْضُوعًا لَهَا، إِذْ لَيْسَ كَوْنُهَا مَصَالِحَ إِذْ ذَاكَ بِأَوْلَى مِنْ كَوْنِهَا مَفَاسِدَ، لَكِنَّ3 الشَّارِعَ قَاصِدٌ بِهَا أَنْ تَكُونَ مَصَالِحَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَضْعُهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَبَدِيًّا وَكُلِّيًّا وَعَامًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّكْلِيفِ وَالْمُكَلَّفِينَ من جميع4 الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَا الْأَمْرَ فِيهَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَأَيْضًا، فَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ كُلِّيَّةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، لَا تَخْتَصُّ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَإِنْ تَنَزَّلَتْ إِلَى الْجُزْئِيَّاتِ، فَعَلَى [وَجْهٍ] 5 كُلِّيٍّ، وَإِنْ خَصَّتْ بَعْضًا، فَعَلَى نَظَرِ الْكُلِّيِّ6، كَمَا أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ كُلِّيَّةً، فَلِيَدْخَلَ تَحْتَهَا الْجُزْئِيَّاتُ، فَالنَّظَرُ الْكُلِّيُّ فِيهَا مَنْزِلٌ لِلْجُزْئِيَّاتِ، [وَتَنَزُّلُهُ لِلْجُزْئِيَّاتِ] 7 لَا يَخْرِمُ كَوْنَهُ كُلِّيًّا، وَهَذَا الْمَعْنَى إِذَا ثَبَتَ دَلَّ عَلَى كَمَالِ النِّظَامِ فِي التَّشْرِيعِ، وَكَمَالُ النِّظَامِ فِيهِ يَأْبَى أَنْ يَنْخَرِمَ مَا وُضِعَ له، وهو المصالح.
__________
1 أي: بمجموع ما تقدم من أول كتاب المقاصد ثبت أن الشارع..... إلخ، فإذن منونة، وزاد هنا التصريح بكون ذلك أبديا وكليا وعاما لا يختل نظامها. "د".
2 في النسخ المطبوعة: "تخل"، وما أثبتناه من الأصل ونسخة "ماء/ ص 129".
3 في نسخة "ماء/ ص 129": "ولكن".
4 في النسخ المطبوعة و"ط": "......... والمكلفين وجميع الأحوال"،وما أثبتناه من نسخة "ماء"والأصل.
"5, 7" سقط من الأصل.
6 في "ط": "الكل".
الصفحة 62