كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

وَأَمَّا كَوْنُهُ أَسْلَمَ؛ فَلِأَنَّ الْعَامِلَ بِالِامْتِثَالِ عَامِلٌ بِمُقْتَضَى الْعُبُودِيَّةِ، وَاقِفٌ عَلَى مَرْكَزِ الْخِدْمَةِ1، فَإِنْ عَرَضَ لَهُ قَصْدُ غَيْرِ اللَّهِ رَدَّهُ قَصْدُ2 التَّعَبُّدِ، بَلْ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي الْأَكْثَرِ، إِذَا عَمِلَ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا عَمِلَ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ عَدَّ نَفْسَهُ هُنَالِكَ وَاسِطَةً بَيْنَ الْعِبَادِ وَمَصَالِحِهِمْ، وَإِنْ كَانَ وَاسِطَةً لِنَفْسِهِ أَيْضًا؛ فَرُبَّمَا دَاخَلَهُ شَيْءٌ مِنَ اعْتِقَادِ الْمُشَارَكَةِ؛ فَتَقُومُ لِذَلِكَ نَفْسُهُ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ حَظَّهُ هُنَا مَمْحُوٌّ مِنْ جِهَتِهِ، بِمُقْتَضَى وُقُوفِهِ تَحْتَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْحُظُوظِ طَرِيقٌ إِلَى دُخُولِ الدَّوَاخِلِ، وَالْعَمَلُ عَلَى إِسْقَاطِهَا طَرِيقٌ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهَا، وَلِهَذَا بسط في كتاب الأحكام، وبالله التوفيق.
__________
1 أي: موضوعها الذي فيه الفائدة. "ماء/ ص239".
2 في نسخة "ماء/ ص239": "وقصد".

الصفحة 100