كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ 1:
التَّحَيُّلُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ مَشْرُوعٍ فِي الظَّاهِرِ أَوْ غَيْرِ سَائِغٍ عَلَى إِسْقَاطِ حُكْمِ أَوْ قَلْبِهِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ، بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ أَوْ لَا يَنْقَلِبُ إِلَّا مَعَ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ، فَتُفْعَلُ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى ذَلِكَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ، مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا لَمْ تُشْرَعْ لَهُ؛ فَكَأَنَّ التَّحَيُّلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: قَلْبُ أَحْكَامِ الْأَفْعَالِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ.
وَالْأُخْرَى: جَعْلُ الْأَفْعَالِ الْمَقْصُودِ بِهَا فِي الشَّرْعِ مَعَانٍ وَسَائِلَ إِلَى قَلْبِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ؛ هَلْ2 يَصِحُّ شَرْعًا الْقَصْدُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ عَلَى وَفْقِهِ أَمْ لَا؟
وَهُوَ3 مَحَلٌّ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ، وَقَبْلَ النَّظَرِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ عَدَمِهَا4 لَا بُدَّ مِنْ شَرْحِ هَذَا الِاحْتِيَالِ.
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ أَشْيَاءَ وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ؛ إِمَّا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ وَلَا تَرْتِيبٍ عَلَى سَبَبٍ؛ كَمَا أَوْجَبَ الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ وأشباه ذلك،
__________
1 فصل شيخ الإسلام ابن تيمية الكلام على الحيل في كتابه "إقامة الدليل على إبطال التحليل" وهو في "الفتاوى الكبرى" "3/ 98-285"، وكذا تلميذه ابن القيم في المجلد الثالث من "إعلام الموقعين" والمجلد الرابع إلى صفحة "63" منه.
وانظر: "مقاصد الشرعية الإسلامية" "ص115 وما بعدها" لابن عاشور، و"الحيل" لأبي حاتم القزويني، نشر شاخت، و"الحيل الفقهية في المعاملات المالية" محمد بن إبراهيم، ولا سيما "ص21 وما بعدها"، و"كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب" لمحمد عبد الوهاب البحيري، نشر سنة "1974م"، و"الحيل المحظور منها والمشروع" لعبد السلام ذهني، نشر سنة "1946م".
2 الجملة الاستفهامية خبر عن قوله: "التحيل بوجه ... إلخ". "د".
3 في نسخة "ماء/ ص240" و"ط": "هو".
4 في "ط": "وعدمها".

الصفحة 106