كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)
بِأَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تُشَارِفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، ثُمَّ يَرْتَجِعَهَا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا حَتَّى تُشَارِفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَهَكَذَا لَا يَرْتَجِعُهَا لِغَرَضٍ لَهُ فِيهَا سِوَى الْإِضْرَارِ بِهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ... } إِلَى قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [الْبَقَرَةِ: 228] أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِ عَدَدٍ؛ فَكَانَ الرَّجُلُ يَرْتَجِعُ الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا كَذَلِكَ قَصْدًا؛ فَنَزَلَتِ1: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [الْبَقَرَةِ: 229] ، وَنَزَلَ مَعَ ذَلِكَ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} الآية [البقرة: 229] فِيمَنْ كَانَ يُضَارُّ الْمَرْأَةَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا حِيَلٌ عَلَى بُلُوغِ غَرَضٍ2 لَمْ يُشْرَعْ ذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَجْلِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النِّسَاءِ: 12] ، يَعْنِي بِالْوَرَثَةِ بِأَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ يُوصِيَ لِوَارِثٍ احْتِيَالًا عَلَى حِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا 3 أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6] .
وقوله: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآية [النساء: 19] .
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا المعنى.
__________
1 نحوه في "سنن أبي داود" "كتاب الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، 2/ 259/ رقم 2195"، و"تفسير ابن جرير" "4/ 539"، وهو صحيح.
وانظر: "تفسير الثوري" "ص67"، و"تفسير ابن كثير" "1/ 272"، و"أحكام القرآن" "1/ 189"، و"فتح القدير" "1/ 239"، و"الدر المنثور" "1/ 278".
2 أي: من إِسْقَاطِ حُكْمِ أَوْ قَلْبِهِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ بفعل سائغ أو غير سائغ. "د".
3 أي: بناء على أنهما مفعولان لأجله. "د".
الصفحة 111