كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

الْمَنْفَعَةَ لِلْمُبْتَاعِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، مَعَ أَنَّهَا عِنْدَكُمْ1 تَابِعَةٌ لِلْأُصُولِ كَسَائِرِ مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ، بَلْ جَعَلَ فِيهِمَا التَّابِعَ لِلْبَائِعِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ انْفِصَالِ الثَّمَرَةِ عَنِ الْأَصْلِ حُكْمًا، وَهُوَ يُعْطَى فِي الشَّرْعِ انْفِصَالَ التَّابِعِ مِنَ الْمَتْبُوعِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا.
وَالرَّابِعُ:
أَنَّ الْمَنَافِعَ مَقْصُودَةٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ الْعُقَلَاءِ وَأَرْبَابِ الْعَوَائِدِ، وَإِنْ فُرِضَ الْأَصْلُ مَقْصُودًا؛ فَكِلَاهُمَا مَقْصُودٌ، وَلِذَلِكَ يُزَادُ فِي ثَمَنِ الْأَصْلِ بِحَسَبِ زِيَادَةِ الْمَنَافِعِ، وَيَنْقُصُ مِنْهُ2 بِحَسَبِ نُقْصَانِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَكَيْفَ تَكُونُ الْمَنَافِعُ مُلْغَاةً وَهِيَ مَثْمُونَةٌ3، مُعْتَدٌّ بِهَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، مقصودة؟ فهذا4 يقتضي القصد إليها عدم الْقَصْدِ إِلَيْهَا مَعًا، وَهُوَ مُحَالٌ.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْقَصْدَ إِلَيْهَا عَادِيٌّ وَعَدَمُ الْقَصْدِ إِلَيْهَا شَرْعِيٌّ، فَانْفَصَلَا فَلَا تَنَاقُضَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كَوْنُ الشَّارِعِ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهَا فِي الْحُكْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا عُرْفًا وَعَادَةً؛ لِأَنَّ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ إِجْرَاءَ5 الْأَحْكَامِ عَلَى الْعَوَائِدِ،
__________
1 أي: بمقتضى الأصل المستدل عليه. "د".
2 في "ف": "منها"، وقال: "الأنسب "منه"؛ أي: من ثمن الأصل".
3 في "القاموس" و"شرحه": "أثمنه سلعته وأثمن له: أعطاه ثمنها، وأثمن المتاع فهو مثمن: صار ذا ثمن، وأثمن البيع: سمى له ثمنًا، وليس في المادة مثمون". "د".
وقال "م": "صوابه "وهي مثمّنة"؛ لأن الفعل من مثال أكرم".
4 أي: ما أورد في مادة هذه المعارضة منضمًا إلى أصل القاعدة بإلغاء المنافع في جانب الأصل، هذا والاعتراض بهذا المحال يمكن ترتيبه على الثالث أيضًا، زيادة عن مخالفته لما يقضي به حكم الشارع. "د".
5 كما تقدم في المسألة الخامسة عشرة من النوع الرابع من كتاب المقاصد "العوائد الجارية ضرورية الاعتبار شرعًا". "د".

الصفحة 439