كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْحُكْمِ؛ إِذْ لَمْ تَبْرُزْ إِلَى الْوُجُودِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَسْتَقِلَّ؛ فَلَا قَصْدَ إِلَيْهَا هُنَا أَلْبَتَّةَ، وَحُكْمُهَا التَّبَعِيَّةُ كَمَا1 لَوِ انْفَرَدَتْ فِيهِ الرَّقَبَةُ بِالِاعْتِبَارِ.
وَالثَّانِي:
مَا ظَهَرَ فِيهِ حُكْمُ الِاسْتِقْلَالِ وَجُودًا وَحُكْمًا أَوْ حُكْمًا عَادِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا؛ كَالثَّمَرَةِ بَعْدَ الْيُبْسِ، وَوَلَدِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَمَالِ الْعَبْدِ بَعْدَ الِانْتِزَاعِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ مُنْقَطِعٌ عَنْهُ، وَحُكْمُهُ2 مَعَ الْأَصْلِ حُكْمُ غَيْرِ الْمُتَلَازِمَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا قَصْدًا، لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَصْدِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا.
وَالثَّالِثُ:
مَا فِيهِ الشَّائِبَتَانِ؛ فَمُبَايَنَةُ الْأَصْلِ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، لَكِنْ عَلَى غَيْرِ الِاسْتِقْلَالِ؛ فَلَا هُوَ مُنْتَظِمٌ فِي سِلْكِ الْأَوَّلِ وَلَا فِي الثَّانِي، وَهُوَ ضَرْبَانِ: الْأَوَّلُ: مَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ مَحْسُوسًا؛ كَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ قَبْلَ مُزَايَلَةِ3 الْأَصْلِ، وَالْعَبْدِ ذِي الْمَالِ الْحَاضِرِ تَحْتَ مِلْكِهِ، وَوَلَدِ الْحَيَوَانِ قبل الاستغاء عَنْ أُمِّهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْآخَرُ: مَا كَانَ فِي حُكْمِ الْمَحْسُوسِ؛ كَمَنَافِعِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا حَصَلَتْ فِيهِ التَّهْيِئَةُ لِلتَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ؛ كَاللُّبْسِ، وَالرُّكُوبِ، وَالْوَطْءِ، وَالْخِدْمَةِ، وَالِاسْتِصْنَاعِ، وَالِازْدِرَاعِ، وَالسُّكْنَى، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الضَّرْبَيْنِ قَدِ اجْتَمَعَ مَعَ صَاحِبِهِ مِنْ وَجْهٍ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ.
__________
1 أي: فلا فرق بين أن يقول: بعت الشجرة بمنافعها التي تحدث مثلا، وبعت الشجرة، بدون ذكر المنافع، أما القسم الثاني؛ فتعتبر المنافع شيئًا آخر منفصلا تمام الانفصال عن الأصل، ويجري على كل حكمه الخاص به. "د".
2 في "ف": "وحكم"، وقد استظهر "ف" و"م" المثبت.
3 أي: وقبل اليبس والاستغناء عن أصلها. "د".

الصفحة 449