كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ فِي الْخَمْرِ: "إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا" 1.
وَ "إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ "2 لِأَجْلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمُحَرَّمِ فِي الْعَادَةِ هُوَ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَمَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَا حُكْمَ لَهُ.
وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَجَازُوا نِكَاحَ الرَّجُلِ لِيَبَرَّ يَمِينَهُ إِذَا حَلَفَ أَنَّ يَتَزَوَّجَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَقْصُودَةٍ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ، وَلَا تُعْتَبَرُ3 فِي أَنْفُسِهَا، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ هِيَ تَوَابِعٌ، وَلَوْ كَانَتِ التَّوَابِعُ مَقْصُودَةً شَرْعًا حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا مُقْتَضَاهَا مِنَ الطَّلَبِ؛ لَمْ يَجُزْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُقُودِ لِلْجَهَالَةِ بِتِلْكَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ، بَلْ لَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ لِأَنَّ الرجل إذا
__________
1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب المساقاة، باب تحريم الخمر، 3/ 1206/ رقم 1579"، ومالك في "الموطأ" "2/ 846"، والنسائي في "المجتبى" "كتاب البيوع، باب بيع الخمر، 7/ 307-308" عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا.
2 أخرجه أبو داود في "السنن" "كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، 3/ 280/ رقم 3488"، وأحمد في "المسند" "1/ 242، 293، 322"، والطبراني في "الكبير" "رقم 12887"، وابن حبان في "الصحيح" "11/ 313/ رقم 4938 - الإحسان"، والبيهقي في "الكبرى" "6/ 13-14" عن ابن عباس ضمن حديث أوله: "قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم ... "، وصنيع المصنف هنا موهم أن هذه القطعة جزء من الحديث السابق، وهو ليس كذلك، فلو فصل الحديثين بقوله: "وقال"؛ لكان أليق.
3 راجع الفصل اللاحق للمسألة الثالثة عشرة في الأسباب. "د".
قلت: في "ط": "ولا تعتبر بأنفسها".

الصفحة 461