عُرْفًا، وَأَنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ خِلَافُ1 ذَلِكَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ تَبَعًا فِي الْقَصْدِ الْعَادِيِّ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يَسْبِقُ الْقَصْدَ إِلَيْهِ عَادَةً بِالْأَصَالَةِ؛ كَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي الْمُحَرَّمَةِ إِذَا فَرَضْنَا الْعَيْنَ وَالصِّيَاغَةَ2 مَقْصُودَتَيْنِ مَعًا عُرْفًا أَوْ يَسْبِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ عُرْفًا؛ فَهَذَا بِمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ بِاجْتِمَاعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَيْهِمَا مُتَلَازِمَانِ؛ فَلَا بُدَّ مِنِ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا وَاطِّرَاحِ الْآخَرِ حُكْمًا، أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا مَرَّ فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ الْمُتَوَجِّهُ إِلَى التَّابِعِ، وَأَمَّا عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا؛ فَيَصِيرُ التَّابِعُ عَفْوًا3، وَيَبْقَى التَّعْيِينُ4؛ فَهُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَمَوْضِعُ إِشْكَالٍ، وَيَقِلُّ وُقُوعُ مِثْلِ هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ، وَإِذَا فُرِضَ وُقُوعُهُ؛ فَكُلُّ أَحَدٍ وَمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ.
وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ5 فِي نَحْوِ هَذَا الْقِسْمِ فِي الْبُيُوعِ: "يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمَمْنُوعِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَقْصُودَةً يَقْتَضِي أن لها حصة من الثمن،
__________
1 أي: فلا تعتبر هذه الكثرة ما دامت على خلاف الأصل في المقاصد، والأصل في مسألة العقدين انفكاكهما هذا، ولكن قد يدعي أن الأصل عند اجتماع العقدين سبق القصد إلى الممنوع. "د".
2 قال المصنف في "الاعتصام" "2/ 601": "وأنت ترى مذهب مالك المعروف في بلادنا أن الحلي المصنوع من الذهب والفضة لا يجوز بيعه بجنسه إلا وزنًا بوزن، ولا اعتبار بقيمة الصياغة أصلًا، والصاغة عندنا كلهم -أو غالبهم- إنما يتبايعون على ذلك: أن يستفضلوا قيمة الصياغة أو إجارتها، ويعتقدون أن ذلك جائز لهم! ".
3 أي: لم يتعلق به طلب، فضلًا عن سقوطه. "د".
4 أي: هل التابع هو صوغها حليًا لمن لا يجوز له استعماله -والأصل هو تملك الذهب والفضة- أم الأمر العكس؟ فعلى الأول يجوز البيع والشراء، وعلى الثاني لا يجوز. "د".
5 في "المعلم بفوائد مسلم" "2/ 157-158 - ط دار الغرب".