كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

اعْتِبَارِ الْإِفْرَادِ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ؛ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الْجَهَالَةِ1 فِي الثَّمَنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعِينَ، وَإِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ مَعْلُومَةً؛ فَامْتَنَعَ لِحُدُوثِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.
وَأَمَّا الْمُجِيزُ؛ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اعْتَبَرَ أَمْرًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَيِ السِّلْعَتَيْنِ لَمَّا قَصَدَا إِلَى جَمْعِ سلعتيهما في البيع صار ذلك [في] 2 مَعْنَى الشَّرِكَةِ فِيهِمَا3، فَكَأَنَّهُمَا قَصَدَا الشَّرِكَةَ أَوَّلًا، ثُمَّ بِيْعَهُمَا وَالِاشْتِرَاكَ فِي الثَّمَنِ، وَإِذَا كَانَا فِي حُكْمِ الشَّرِيكَيْنِ، فَلَمْ يَقْصِدَا إِلَى مِقْدَارِ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ السِّلْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَجُزْءِ السِّلْعَةِ الْوَاحِدَةِ؛ فَهُوَ قَصْدٌ تَابِعٌ لِقَصْدِ الْجُمْلَةِ؛ فَلَا أَثَرَ لَهُ، ثُمَّ الثَّمَنُ يُفَضُّ عَلَى4 رُءُوسِ الْمَالَيْنِ إِذَا أَرَادَا الْقِسْمَةَ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي ذَلِكَ؛ إِذْ لَا جَهَالَةَ5 فِيهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الِاجْتِمَاعِ حُدُوثُ فَسَادٍ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يَقْتَضِي النَّهْيَ؛ فَالْأَمْرُ مُتَوَجَّهٌ؛ إِذْ لَيْسَ إِلَّا أَمْرٌ أو نهي على الاصطلاح المنبه عليه.
__________
1 أي: المؤدية إلى التنازع والشحناء، على خلاف المصلحة الاجتماعية بين الناس. "د".
2 سقطت إلا من "ط"، وكتب "ف": "ولعله "في المعنى".
3 وقع خلاف بين الفقهاء في المحل في الشركة؛ فاتفقوا على جوازها في النقدين، واختلفوا في العروض قيميًّاكان أو مثليًّا أو عدديًّا متقاربًا وغير متقارب، والراجح الجواز، وهو ما أومأ إليه المصنف، وانظر في المسألة: "فتح القدير" "5/ 16"، و"بدائع الفوائد" "6/ 59"، و"المغني" 5/ 14"، و"حاشية الشرقاوي" على التحرير" "2/ 11"، و"كشاف القناع" "2/ 254"، و"الإقناع" "1/ 292"، و"الشركات في الفقة الإسلامي" "ص37" للخفيف، و"الشركات في الشريعة الإسلامية" "1/ 108-115" للخياط.
4 أي: يفرق على حسب رءوس الأموال. "ف". قلت: في "ط": "يقبض على".
5 لأن رأس مال كل منهما هو ما دفعه ثمنًا لسلعته، وهو معلوم. "د".

الصفحة 483