كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
الْأَمْرَانِ1 يَتَوَارَدَانِ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارَيْنِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاجِعًا إِلَى الجملة2، والآخر راجع إِلَى بَعْضِ تَفَاصِيلِهَا أَوْ إِلَى بَعْضِ أَوْصَافِهَا، أَوْ إِلَى بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا؛ فَاجْتِمَاعُهُمَا جَائِزٌ حَسْبَمَا ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ.
وَالَّذِي يُذْكَرُ هُنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا تَابِعٌ وَالْآخَرُ مَتْبُوعٌ وَهُوَ3 الْأَمْرُ الرَّاجِعُ إِلَى الْجُمْلَةِ، وَمَا سِوَاهُ تَابِعٌ؛ لِأَنَّ مَا يَرْجِعُ إِلَى التَّفَاصِيلِ أَوِ الْأَوْصَافِ أَوِ الْجُزْئِيَّاتِ كَالتَّكْمِلَةِ لِلْجُمْلَةِ وَالتَّتِمَّةِ لَهَا، وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ فَطَلَبُهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَا مُطْلَقًا، وَهَذَا [مَعْنَى كَوْنِهِ تَابِعًا، وَأَيْضًا4، فَإِنَّ هَذَا الطَّلَبَ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ وُقُوعَ مُقْتَضَاهُ دُونَ] 5 مُقْتَضَى الْأَمْرِ بِالْجُمْلَةِ، بَلْ إِنْ فُرِضَ فَقْدُ الْأَمْرِ بِالْجُمْلَةِ لَمْ يُمْكِنْ6 إِيقَاعُ التَّفَاصِيلِ؛ لِأَنَّ التَّفَاصِيلَ لَا تُتَصَوَّرُ إِلَّا فِي مُفَصَّلٍ، وَالْأَوْصَافَ لَا تُتَصَوَّرُ إِلَّا فِي مَوْصُوفٍ، وَالْجُزْئِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا مِنْ حَيْثُ الْكُلِّيِّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَطَلَبُهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّبَعِيَّةِ لِطَلَبِ الْجُمْلَةِ.
وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَالصَّلَاةِ -بِالنِّسْبَةِ إِلَى طَلَبِ الطَّهَارَةِ الْحَدَثِيَّةِ وَالْخَبَثِيَّةِ، وَأَخْذِ الزِّينَةِ، وَالْخُشُوعِ، وَالذِّكْرِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالدُّعَاءِ، واستقبال القبلة، وأشباه
__________
1 الأمر هنا على حقيقته لا على الاصطلاح في المسألتين السابقتين. "د".
2 أي: إلى نفس المطلق، وقوله: "بعض تفاصيلها"؛ أي: أجزائها؛ كالقراءة، والذكر في الصلاة، وقوله: "بعض أوصافها؛ أي: كتطويل الركوع والسجود فيها وكونها بخشوع، وقوله: "بعض جزئياتها"؛ كصلاة الظهر أو التهجد أو الوتر، وهكذا من الجزئيات الداخلة تحت كل صلاة. "د".
3 في "ط": "فالمتبوع هو ... ".
4 دليل ثانٍ على أن ما سوى الأمر بالجملة تابع للأمر بها وليس مستقلًّا. "د".
5 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
6 أي: من حيث كونها تفاصيل مع فرض فقدان الأمر بالجملة. "ف". وعنده بدل "يمكن": "لكن"، وقال: "وهكذا بالأصل، ولعله يمكن".

الصفحة 484