كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
فَنَقُولُ: الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ إِذَا تَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا رَاجِعٌ إِلَى [الْجُمْلَةِ، وَالْآخَرُ رَاجِعٌ إِلَى] بَعْضِ أَوْصَافِهَا أَوْ جُزْئِيَّاتِهَا1 أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ فَقَدْ مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مَا يُبَيِّنُ جَوَازَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَلَهُ صُورَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَرْجِعَ الْأَمْرُ إِلَى الْجُمْلَةِ وَالنَّهْيُ إِلَى أَوْصَافِهَا، وَهَذَا كَثِيرٌ؛ كَالصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَصِيَامِ أَيَّامِ الْعِيدِ، وَالْبَيْعِ الْمُقْتَرِنِ بِالْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ، وَالْإِسْرَافِ فِي الْقَتْلِ، وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ فِي الْعَدْلِ فِيهِ، وَالْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبُيُوعِ وَنَحْوِهَا، إِلَى مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَرْجِعَ النَّهْيُ إِلَى الْجُمْلَةِ وَالْأَمْرُ إِلَى أَوْصَافِهَا، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَالتَّسَتُّرِ بِالْمَعْصِيَةِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنِ ابْتُلِيَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ بِشَيْءٍ؛ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ" 2.
__________
1 الضمير راجع إلى الجملة المفهومة من السياق. "ف". وفي "ط": "وجزئياتها".
قلت: انظر "مجموع فتاوى ابن تيمية" "19/ 295-305".
2 أخرج الطحاوي في "المشكل" "1/ 20"، والحاكم في "المستدرك" "4/ 244"، والبيهقي في "الكبرى" "8/ 330" عن ابن عمر؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام بعد أن رجم الأسلمي؛ فقال: "اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألم؛ فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته يقم عليه كتاب الله".
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وقال شيخنا الألباني في "الصحيحة" "رقم 663": "وهو كما قالا"، وعزاه أيضًا إلى أبي عبد الله القطان في "حديثه" "56/ 1"، والعقيلي في "الضعفاء" "203"، وأبي القاسم الحنائي في "المنتقى من حديث الجصاص وأبي بكر الحنائي" "160/ 2"، وابن سمعون في "الأمالي" "2/ 183/ 2".
قلت: إسناده حسن من أجل أسد بن موسى، صدوق، وباقي إسناد المتقدمين على =
الصفحة 488