كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)
مثلا بكونه ذكر دُونَ أُنْثَى، وَلَا أَسْوَدَ دُونَ أَبْيَضَ وَلَا كَاتِبًا دُونَ صَانِعٍ1، وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَإِذَا الْتَزَمَ هُوَ فِي الْإِعْتَاقِ نَوْعًا مِنْ هذه الأنوع دُونَ غَيْرِهِ؛ احْتَاجَ فِي هَذَا الِالْتِزَامِ إِلَى دَلِيلٍ، وَإِلَّا؛ كَانَ التزامُه غيرَ مَشْرُوعٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا الْتَزَمَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا أَنْ يَقْرَأَ بِالسُّورَةِ الْفُلَانِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا دَائِمًا2، أَوْ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْ مَاءِ [الْبِئْرِ دُونَ مَاءِ] 3 السَّاقِيَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الِالْتِزَامَاتِ الَّتِي هِيَ تَوَابِعٌ لِمُقْتَضَى الْأَمْرِ فِي الْمَتْبُوعَاتِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا، لَمْ يَصِحَّ فِي التَّشْرِيعِ، وَهُوَ عُرْضَةٌ4 لِأَنْ يكُرّ5 عَلَى الْمَتْبُوعِ بِالْإِبْطَالِ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأَمْرَ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْمَأْمُورِ الْمَتْبُوعِ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَمْرٌ آخَرُ يَقْتَضِي بَعْضَ الصِّفَاتِ أَوِ الْكَيْفِيَّاتِ التَّوَابِعِ؛ فَقَدْ عَرَفْنَا مِنْ قَصْدِ الشَّارِعِ أَنَّ الْمَشْرُوعَ عَمَلٌ مُطْلَقٌ، لَا يَخْتَصُّ فِي مَدْلُولِ اللَّفْظِ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَلَا وَصْفٍ دُونَ وَصْفٍ؛ فَالْمُخَصَّصُ6 لَهُ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ أَوْ وَصْفٍ دُونَ وَصْفٍ لَمْ يُوقِعْهُ عَلَى مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ؛ فَافْتَقَرَ إِلَى دَلِيلٍ [يَدُلُّ] عَلَى ذَلِكَ التَّقْيِيدِ، أَوْ صَارَ مُخَالِفًا لمقصود الشارع.
__________
1 أراد بالصانع من له حرفة أخرى غير صنع لكتابة بدليل المقابلة، أو لعله صائغ بالغين المعجمة. "ف".
2 كما في الأذكار الخلوتية، ومثلها صلوات الأسبوع لياليه وأيامه؛ كما في "قوت القلوب" "1/ 58" وما بعدها"، و"الإحياء" "1/ 197"، وانظر: "فوائد حديثية" "ص111" لابن القيم وتعليقي عليه.
3 ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأشار لذلك ناسخُه.
4 أي: لأن هذا المقيد متى وقف عنده، فقد لا يتيسر له فعله، كما في مثال التزام الوضوء من البئر، وقد يبطل ثوابه بمخالفة قصد الشارع في التزام ما لم يشرعه، وعده مشروعًا. "د".
5 مضارع كر من باب قتل. "ف".
6 أي: فالملتزم تخصيصه، وإلا؛ فهو لا يقع في الوجود إلا مخصصًا. "د".
الصفحة 496