كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

وقال عمر: "واعجبًا لك يابن الْعَاصِ، لَئِنْ كُنْتَ تَجِدُ ثِيَابًا؛ أَفَكُلُّ النَّاسِ يَجِدُ ثِيَابًا؟ وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً، بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره"1.
هَذَا فِيمَا لَمْ يَظْهَرِ2 الدَّوَامُ فِيهِ؛ فَكَيْفَ مَعَ الِالْتِزَامِ؟
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا وَالْأَخْبَارُ كَثِيرَةٌ، جَمِيعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْتِزَامَ الْخُصُوصَاتِ فِي الْأَوَامِرِ الْمُطْلَقَةِ مُفْتَقِرٌ إِلَى دَلِيلٍ، وَإِلَّا كَانَ قَوْلًا بِالرَّأْيِ وَاسْتِنَانًا بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ انْبَنَتْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ مَسْأَلَةِ أَنَّ الأمر بالمطلق لا يستلزم الأمر بالمقيد.
__________
1 أخرج مالك في "الموطأ" "1/ 50 - رواية يحيى و1/ 56/ رقم 137 - رواية أبي مصعب" عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب "أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب في ركب فيهم عمرو بن العاص، وأن عمر بن الخطاب عرس ببعض الطريق قريبًا من بعض المياه، فاحتلم عمر وقد كاد أن يصبح، فلم يجد مع الركب ماء؛ فركب حتى جاء الماء، فجعل يغسل ما رأى من ذلك الاحتلام حتى أسفر، فقال له عمرو بن العاص: أصبحت ومعنا ثياب، فدع ثوبك يغسل. فقال له عمر بن الخطاب: واعجبا لك يا عمرو بن العاص ... إلخ". وإسناده صحيح. وأخرجه البيهقي "1/ 170" وفي "المعرفة" "1/ 265"، والخطيب في "التالي" "رقم 203 - بتحقيقي"، وانظر: "الاستذكار" "3/ 116". وفي "ط": "لو فعلتها لم أره".
2 أي: ومع ذلك خشي أن يداوم عليه، كما قال: "لكانت سنة". "د".

الصفحة 502