يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ" 1 الحديث.
وأيضًا؛ فباب سد الذرائع مع هَذَا الْقَبِيلِ؛ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى طَلَبِ تَرْكِ مَا ثَبَتَ طَلَبُ2 فِعْلِهِ لِعَارِضٍ يَعْرِضُ، وَهُوَ أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفَاصِيلِهِ؛ فَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ مِمَّا يُبْطِلُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى مِثْلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [الْبَقَرَةِ: 104] .
وَقَوْلِهِ: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الْأَنْعَامِ: 108] .
وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَالشَّوَاهِدُ فِيهِ كَثِيرَةٌ.
وَهَكَذَا3 الْحُكْمُ فِي الْمَطْلُوبِ طَلَبَ النَّدْبِ، قَدْ يَصِيرُ بِالْقَصْدِ الثَّانِي مَطْلُوبَ التَّرْكِ، حَسْبَمَا تَنَاوَلَتْهُ أَدِلَّةُ التَّعَمُّقِ وَالتَّشْدِيدِ4، وَالنَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ5،
__________
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، 11/ 244/ رقم 6427" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومضى "1/ 177".
وفي الأصل: "للربيع".
والحَبَط، بفتحتين: وجع يأخذ الإبل في بطونها من كلأ تستوبله، والمرض الحُباط -بالضم-، وقوله: "يُلِم" -بضم فكسر- أي: يقرب من القتل، وهو مثل المفرط في جمع الدنيا، مع منع ما جمعه من حقه. "ف".
2 المراد بالطلب الإذن وسيأتي في المسألة الثامنة عشرة، يقول في "سد الذرائع": "هو مَنَعَ الْجَائِزَ لِئَلَّا يَتَوَسَّلَ بِهِ إِلَى الْمَمْنُوعِ"، وقد أولنا الجائز هناك بهذا أيضًا. "د".
3 تكميل لبقية أنواع ما دخل في القسم الأول من المسألة، ولما كان كون طلب المندوب والواجب بالقصد الأول لا يحتاج إلى بيان كما احتاج المباح، وإنما الحاجة فيهما إلى بيان أنهما قد يصيران مطلوبي الترك بالقصد الثاني اقتصر عليه. "د". وفي "ط": "وهذا".
4 انظر ما مضى "1/ 527 و2/ 208، 228".
5 انظر ما مضى "1/ 526، 2/ 208".