وقوله عليه الصلاة: "إن الله جميل يجب الْجَمَالَ" 1.
"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى 2 أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ" 3.
وَأَمَّا السَّكَرُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} [النَّحْلِ: 67] ؛ فَنَسَبَ إِلَيْهِمُ اتِّخَاذَ السَّكَرِ وَلَمْ يُحَسِّنْهُ، وَقَالَ: {وَرِزْقًا حَسَنًا} [النَّحْلِ: 67] ؛ فَحَسَّنَهُ.
فَالِامْتِنَانُ بِالْأَصْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّصَرُّفُ لَا بِنَفْسِ التَّصَرُّفِ؛ كَالِامْتِنَانِ بِالنِّعَمِ الْأُخْرَى الْوَاقِعِ فِيهَا التَّصَرُّفُ؛ فَإِنَّهُمْ تَصَرَّفُوا بِمَشْرُوعٍ وَغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَلَمْ يُؤْتَ بِغَيْرِ الْمَشْرُوعِ قَطُّ عَلَى طَرِيقِ الِامْتِنَانِ بِهِ كَسَائِرِ النِّعَمِ، بَلْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا} الآية [يونس: 59] ؛ فتفهم هذا.
__________
1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، 1/ 93/ رقم 91" عن ابن مسعود رضي الله عنه.
2 أي: فرؤية أثر النعمة مما يخدمها، وقد جعل هذا الحديث وما قبله شاهدًا للمباح بالجزء المطلوب بالكل على جهة الندب، وأنه لو تركه الناس كلهم لكان مكروها، راجع المسألة الثانية في المباح، ومثله هناك بالتمتع بالطيبات من مأكل وملبس ... إلخ". "د".
3 أخرجه الترمذي في "الجامع" "أبواب الأدب، باب ما جاء أن الله تعالى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ، 5/ 123-124/ رقم 2819" -وقال: "هذا حديث حسن"- والطيالسي في "المسند" "رقم 2261"، والحاكم في "المستدرك" "4/ 135"، وابن أبي الدنيا في "الشكر" "رقم 51" عن عبد الله بن عمرو بن العاص، والحديث حسن، وله شواهد كثيرة، منها:
حديث عمران بن حصين أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 438"، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" "4/ 291 و7/ 10"، والطحاوي في "المشكل" "4/ 151"، والحاكم في "المعرفة" "ص161"، والطبراني في "الكبير" "18/ 135"، وابن أبي الدنيا في "الشكر" "رقم 50" بلفظ: "إذا أنعم الله عز وجل على عبده نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، وإسناده صحيح.
وانظر سائر الشواهد في: "المجمع" "5/ 132-133"، و"غاية المرام" "رقم 75".