كتاب الموافقات (اسم الجزء: 3)

[ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي] ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذَا المال خضرة حلوة" 1 الْحَدِيثَ، وَقَالَ: "الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2 الْحَدِيثَ.
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا أَشَارَ بِهِ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَصْلِ الِاكْتِسَابِ الْمُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ، وَلَا عَنِ الزَّائِدِ عَلَى مَا فَوْقَ الْكِفَايَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمَقْصُودَ فِي الْمَالِ شَرْعًا مَطْلُوبٌ، وَإِنَّمَا الِاكْتِسَابُ خَادِمٌ لِذَلِكَ الْمَطْلُوبِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ الِاكْتِسَابُ مِنْ أَصِلِهِ حَلَالًا إِذَا رُوعِيَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ، كَانَ صَاحِبُهُ مَلِيًّا أَوْ غَيْرَ مَلِيٍّ، فَلَمْ يُخْرِجْهُ النَّهْيُ عَنِ الْإِسْرَافِ فِيهِ عَنْ كَوْنِهِ مَطْلُوبًا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ أَصْلِيٌّ، وَالنَّهْيُ تَبَعِيٌّ؛ فَلَمْ يَتَعَارَضَا، وَلِأَجْلِ هَذَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَعْمَلُونَ فِي جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي دُنْيَاهُمْ لِيَسْتَعِينُوا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
والفوائد المبنية عليها كثيرة.
__________
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، 3/ 335/ رقم 1472"، ومسلم في "صحيحه" كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، 2/ 717/ رقم 1035" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه مرفوعًا.
وما بين المعقوفتين سقط من "م"، وفي "د" تكرر مرة رابعة.
2 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الاستقراض، باب أداء الديون، 5/ 54-55/ رقم 2388" عن أبي ذر مرفوعا بلفظ: "إن الأكثرين هم الأقلون؛ إلا من قال بالمال هكذا وهكذا ... ".
وأخرجه أحمد في "المسند" "2/ 391" باللفظ الذي أورده المصنف عن أبي هريرة مرفوعًا. وفي "ط": "هم المقلون".

الصفحة 535