وَقَوْلُهُ: "إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ" الْحَدِيثَ1.
وَيَشْمَلُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النُّورِ: 31] .
وَلِأَجْلِهِ أَيْضًا جَعَلَ الصُّوفِيَّةُ بَعْضَ مَرَاتِبِ الْكَمَالِ إِذَا اقْتَصَرَ السَّالِكُ عَلَيْهَا دُونَ مَا فَوْقَهَا نَقْصًا وَحِرْمَانًا؛ فَإِنَّ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا فَوْقَ مَا تقضيه الْمُرَتَّبَةُ الَّتِي دُونَهَا، وَالْعَاقِلُ لَا يَرْضَى بِالدُّونِ، وَلِذَلِكَ أُمِرَ بِالِاسْتِبَاقِ إِلَى الْخَيِّرَاتِ مُطْلَقًا، وَقُسِّمَ الْمُكَلَّفُونَ إِلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ [وَأَصْحَابِ الشِّمَالِ وَالسَّابِقِينَ، وَإِنْ كَانَ السَّابِقُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ] 2، وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ 3، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}
__________
1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منة، 4/ 2075" عن الأغر المزني مرفوعًا: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة".
وأخرجه من حديثه أيضًا أحمد في "المسند" "4/ 260"، وأبو داود في "السنن" "كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، رقم 1515"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "رقم 442"، والطبراني في "الكبير" "رقم 888، 889".
ومعنى "ليغان" ما قاله "ف": "أي: ليغطى عليه، من قولهم: غين على الرجل كذا أي: غطى عليه".
2 ما بين المعقوفتين زيادة من "ف" و"ط" و"م"، وسقط من الأصل و"د".
3 أي: وهم السابقون كما قال في أول السورة: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10-11] ؛ فالمقربون لهم روح وريحان وجنة نعيم، ولم نضف مثل ذلك لأصحاب اليمين، وإنما اضاف إليهم السلامة من العذاب من جهة أنهم من أصحاب اليمين؛ فدل على تفاوت مراتب الكمال وفضل السابقين المقربين مع أن الكل من أصحاب اليمين، هذا بالنظر للآية التي جمع فيها أصحاب اليمين مع السابقين الذين هم المقربون، وإن كان أسند في أول السورة إلى أصحاب اليمين أنهم: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: 28-29] إلى آخر النعم التي أعدها لهم. "د".