عِلْمٍ} [الْأَنْعَامِ: 108] ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَتَكُفَّنَّ عَنْ سَبِّ آلِهَتِنَا، أَوْ لَنَسُبَّنَّ إِلَهَكَ. فَنَزَلَتْ1.
وَفِي الصَّحِيحِ: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ شَتْمَ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ" 2.
وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَكُفُّ عَنْ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى قَوْلِ الْكُفَّارِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ3.
وَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {رَاعِنَا} [الْبَقَرَةِ: 104] مَعَ قَصْدِهِمُ الْحَسَنِ، لِاتِّخَاذِ الْيَهُودِ لَهَا ذَرِيعَةً إلى شمته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ أَصْلِهِ4، وَقَدْ أُلْبِسَ حُكْمُ مَا هُوَ ذَرِيعَةٌ إِلَيْهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَنَّ الظَّنَّ بِالْمَفْسَدَةِ وَالضَّرَرِ لا يقوم مقام القصد إليه؛
__________
1 أخرجه عبد الرازق في "التفسير" "2/ 215" عن معمر عن قتادة بنحوه، وإسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.
2 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الأدب، باب لا يسب الرجل والديه، 10/ 403/ رقم 5973"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، 1/ 92/ رقم 90"، والترمذي في "الجامع" "أبواب البر والصلة، باب ما جاء في عقوق الوالدين، رقم 1903"، وأبو داود في "السنن" "كتاب الأدب، باب في بر الوالدين، رقم 5141"، وغيرهم.
3 مضى تخريجه "2/ 467"، وهو في "صحيح البخاري".
4 من إذن أو خلافه كما في مسألة السب المذكورة في الحديث، فإن أصله بدون المتذرع إليه ممنوع، فحكم الأصل المنع، والذريعة كذلك، بخلاف بقية الأمثلة؛ فإن الأصل مأذون فيه، ولكنه أخذ حكم ما ترتب عليه. "د".