كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
كُلُّ حِكَايَةٍ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقَعَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا1 وَهُوَ الْأَكْثَرُ رَدٌّ لَهَا، أَوْ لَا فَإِنْ وَقَعَ رَدٌّ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي بُطْلَانِ ذَلِكَ الْمَحْكِيِّ وَكَذِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَعَهَا رَدٌّ؛ فَذَلِكَ دَلِيلُ صِحَّةِ الْمَحْكِيِّ وَصِدْقِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بُرْهَانٍ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: 91] .
فَأَعْقَبَ بِقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 91] .
وَقَالَ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 136] .
فَوَقَعَ التَّنْكِيتُ عَلَى افْتِرَاءِ مَا زَعَمُوا بقوله: {بِزَعْمِهِمْ} ، وَبِقَوْلِهِ: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الْأَنْعَامِ: 136] .
ثُمَّ قَالَ: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الْأَنْعَامِ: 138] إِلَى تَمَامِهِ.
وَرُدَّ بِقَوْلِهِ: {سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُون} [الْأَنْعَامِ: 138] .
ثُمَّ قَالَ: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ} الآية [الأنعام: 139] .
__________
1 أو قبلها وبعدها معًا، كما في آية: {أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ} [يونس: 66] مع قوله: {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] ، ولا يكون الشريك ولا الولد مملوكًا. "د".

الصفحة 158