كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
فَخُذُوهُ} 1 الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: 41] .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} 2 [النِّسَاءِ: 46] ؛ فَصَارَ هَذَا مِنَ النَّمَطِ الْأَوَّلِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ جَمِيعُ مَا حُكِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ مِمَّا كَانَ حَقًّا؛ كَحِكَايَتِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُ قِصَّةُ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى, عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
فَصْلٌ:
وَلِاطِّرَادِ هَذَا الْأَصْلِ اعْتَمَدَهُ النُّظَّارُ3؛ فَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} 4 الْآيَةَ [الْمُدَّثِّرِ: 43-44] ؛ إِذْ لَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ بَاطِلًا لَرُدَّ عِنْدَ حِكَايَتِهِ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَكَى مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُمْ: {ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الْكَهْفِ: 22] ، وَأَنَّهُمْ: {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الْكَهْفِ: 22] ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الْكَهْفِ: 22] ؛ أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ وَلَا عِلْمٌ غَيْرُ اتِّبَاعِ الظَّنِّ، وَرَجْمُ الظُّنُونِ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، وَلَمَّا حَكَى قَوْلَهُمْ: {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الْكَهْفِ: 22] ؛ لَمْ يُتْبِعْهُ بِإِبْطَالٍ بَلْ قَالَ: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} [الْكَهْفِ: 22] ؛ دَلَّ الْمَسَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ القولين الأولين.
__________
1 في النسخ المطبوعة: "عن مواضعه"، وهو خطأ.
2 في النسخ المطبوعة: "من بعد مواضعه"، وهو خطأ.
3 في "ط": " ... الفصل اعتمده الناظر ... ".
4 أي: فقد سلم تعليلهم ودخولهم بهذا. "د".
الصفحة 161