كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
الْوُسْعَ؛ قَالَ: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الْأَنْبِيَاءِ: 79] ، وَهَذَا مِنَ الْبَيَانِ الْخَفِيِّ1 فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
قَالَ الْحَسَنُ: "وَاللَّهِ لَوْلَا مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؛ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْقُضَاةَ قَدْ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ، وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ"2.
وَالنَّمَطُ هُنَا يَتَّسِعُ، وَيَكْفِي مِنْهُ مَا ذُكِرَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَصْلٌ:
وَلِلسُّنَّةِ مَدْخَلٌ فِي هَذَا الْأَصْلِ؛ فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُحَصَّلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَا يَسْكُتُ عَمَّا يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ مِنَ الْبَاطِلِ؛ حَتَّى يُغَيِّرَهُ أَوْ يُبَيِّنَهُ إِلَّا إِذَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ بُطْلَانُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُمْكِنُ السُّكُوتُ إِحَالَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبَيَانِ فِيهِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ في الأصول3.
__________
1 لأنه لم يصرح بخطأ داود، إنما يفهم من قصر التفهيم على سليمان. "د".
2 أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير ابن كثير" "3/ 195-196" نحوه، وذكره عنه القرطبي في "تفسيره" "11/ 309" بنصه وحرفه.
3 في مسألة "إذا علم بفعل ولم ينكره قادرًا على إنكاره؛ فإن كان معتقد كافر؛ فلا أثر لسكوته عنه لما علم أنه منكر له؛ فلا دلالة له على صحته ... إلخ"، راجع "تحرير الأصول". "د".
قلت: وانظر "البحر المحيط" "3/ 488 و4/ 204" للزركشي.
الصفحة 166