كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَثِيرَةٌ، إِذَا تُتِبِّعَتْ وُجِدَتْ؛ فَالْقَاعِدَةُ لَا تَطَّرِدُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُقَالُ: أَنَّ كُلَّ مَوْطِنٍ لَهُ مَا يُنَاسِبُهُ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَهُوَ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ، أَمَّا هَذَا التَّخْصِيصُ؛ فَلَا.
فَالْجَوَابُ: إِنَّ مَا اعْتُرِضَ بِهِ غَيْرُ صادٍّ عَنْ سَبِيلِ مَا تَقَدَّمَ، وَعَنْهُ جَوَابَانِ: إِجْمَالِيٌّ، وَتَفْصِيلِيٌّ:
فَالْإِجْمَالِيُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْأَمْرَ الْعَامَّ وَالْقَانُونَ الشَّائِعَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ؛ فَلَا تَنْقُضُهُ الْأَفْرَادُ الْجُزْئِيَّةُ الْأَقَلِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّةَ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرِيَّةً فِي الْوَضْعِيَّاتِ انْعَقَدَتْ كُلِّيَّةً، وَاعْتُمِدَتْ فِي الْحُكْمِ بِهَا وَعَلَيْهَا، شَأْنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ1 الْجَارِيَةِ فِي الْوُجُودِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا اعْتُرِضَ بِهِ مِنْ ذلك قليل، يدل عليه الِاسْتِقْرَاءِ؛ فَلَيْسَ بِقَادِحٍ فِيمَا تَأَصَّلَ.
وَأَمَّا التَّفْصِيلِيُّ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الْهُمَزَةِ: 1] قضية
__________
1 أي: فمع كونها أغلبية اعتبرها الشارع في إجراء الأحكام عليها، كما في أحكام السفر، وبناء التكليف على البلوغ الذي هو مظنة العقل، وهكذا، كما تقدم في "المقاصد" في المسألة العاشرة من النوع الأول والخامسة عشرة من النوع الرابع. "د".
الصفحة 175