الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
لَا كَلَامَ فِي أَنَّ لِلْعُمُومِ صِيَغًا وَضْعِيَّةً، وَالنَّظَرُ فِي هَذَا مَخْصُوصٌ بِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ هُنَا فِي أَمْرٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَطَالِبِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا، ولكنه أكيد التقرير ههنا، وَذَلِكَ أَنَّ لِلْعُمُومِ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّيَغُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ نَظَرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عليه الصيغة في أهل وَضْعِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ1، وَإِلَى هَذَا النَّظَرِ قَصْدُ2 الْأُصُولِيِّينَ فَلِذَلِكَ يَقَعُ التَّخْصِيصُ عِنْدَهُمْ بِالْعَقْلِ3 وَالْحِسِّ4 وسائر5 المخصصات المنفصلة.
__________
1 انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "4/ 442/ 442-445".
2 ويتضح بما أثبته الآمدي في كتاب "الأحكام" "2/ 460" في قسم التخصيص بالمنفصل ومناقشته بالأوجه الثلاثة التي تقتضي أنه لا يصح التخصيص به، ثم تخلص بالجواب بأنه إذا نظر إلى أصل وضع الألفاظ من العموم صح التخصيص، وإذا نظر إلى عدم إرادة العموم من اللفظ، فإنه لا تخصيص، وأنه لا منافاة بين كون اللفظ دالا على المعنى لغة وبين كونه غير مراد من اللفظ. "د".
3 كما مثلوا له بقوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل} [الزمر: 162] ، فالعقل دليل على تخصيص الخلق بغير ذلك وصفاته، وكذلك القدرة. "د".
قلت: انظر "المحصول" "3/ 73"، و"المستصفى" "2/ 100"، و"العدة" "2/ 547"، و"البرهان" "1/ 408"، و"التمهيد" "2/ 101"، و"المسودة" "ص118".
4 كما في قوله تعالى: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص: 57] ، وقوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] ، {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] ؛ فالحس دليل على أنها لم تدمر الجبال والأنهار وغيرها مما أتت عليه؛ فإنه خلاف المشاهد. "د".
قلت: انظر: "المحصول" "3/ 75"، و"المستصفى" "2/ 99"، و"نهاية السول" "2/ 141"، و"شرح تنقيح الفصول" "ص215". 5 كتخصيص الكتاب والسنة بغير الاستثناء والشرط والوصف والغاية. "د".
قلت: انظر "المحصول" "3/ 71 وما بعدها"، و"روضة الناظر" "2/ 722 وما بعدها".