كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَذَكَرَتْهُ. فقال عبد الله: وما لي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ1 رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ! فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، قَالَ اللَّهُ, عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الْحَشْرِ: 7] الْحَدِيثَ.
وَعَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْعَالِمِينَ بِالْقُرْآنِ.
فَصْلٌ
فَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْقُرْآنِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ دُونَ النَّظَرِ فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِهِ وَهُوَ السُّنَّةُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كُلِّيًّا وَفِيهِ أُمُورٌ جُمْلِيَّةٌ2 كَمَا فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهَا؛ فَلَا مَحِيصَ عَنِ النَّظَرِ فِي بَيَانِهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي تَفْسِيرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَهُ إِنْ أَعْوَزَتْهُ السُّنَّةُ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا؛ فَمُطْلَقُ3 الْفَهْمِ الْعَرَبِيِّ لِمَنْ حَصَّلَهُ يَكْفِي فِيمَا أعوز من ذلك، والله أعلم.
__________
1 أي: في الحديث السابق، وهو لم يرفعه هنا اكتفاء بقوله: "لعن رسول الله"، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ ... } إلخ [الحشر: 7] ؛ فالحديث دليل تفصيلي لمسألتها والآية دليل إجمالي. "د".
2 يتأمل في الفرق بين كونه كليًّا وبين أن فيه أمورًا كلية. "د"، و"جملية" من "ط" فقط، وبدلها في غيره "كلية".
3 المراد الفهم الناشئ عن الدربة فيه كما تقدم آنفًا لا مجرد أي فهم عربي فرض. "د".

الصفحة 183