كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
الْقُرْآنُ فِيهِ بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ؛ فَالْعَالِمُ بِهِ عَلَى التَّحْقِيقِ عَالِمٌ بِجُمْلَةِ1 الشَّرِيعَةِ، وَلَا يَعُوزُهُ2 مِنْهَا شَيْءٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ:
- مِنْهَا: النُّصُوصُ الْقُرْآنِيَّةُ، مِنْ قَوْلِهِ3: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} 4 الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: 3] .
وَقَوْلِهِ: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النَّحْلِ: 89] .
وَقَوْلِهِ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} 5 [الْأَنْعَامِ: 38] .
وَقَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الْإِسْرَاءِ: 9] ، يَعْنِي: الطريقة الْمُسْتَقِيمَةَ6، وَلَوْ لَمْ يَكْمُلْ فِيهِ جَمِيعُ مَعَانِيهَا؛ لَمَا صَحَّ إِطْلَاقُ هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهِ حَقِيقَةً.
وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ هُدًى وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ، وَلَا يَكُونُ شِفَاءً لِجَمِيعِ7 مَا فِي الصُّدُورِ إِلَّا وَفِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ.
- وَمِنْهَا: مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الْمُؤْذِنَةِ بِذَلِكَ؛ كَقَوْلِهِ, عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ، وَهُوَ النور المبين، والشفاء النافع، عصمة
__________
1 أي: عالم بالشريعة إجمالًا، لا ينقصه من إجمالها وكلياتها شيء. "د".
قلت: انظر "مجموع الفتاوى" "17/ 443-444 و19/ 175-176، 308 و34/ 206-207"، و"جواهر القرآن ودرره" "ص26-27" للغزالي، و"النبأ العظيم" "ص117 وما بعدها".
2 في "ط": "لا يعوزه".
3 ربما يقال: إكماله بالكتاب والسنة؛ لأنه لم يقل: أكملته في خصوص الكتاب. "د".
4 {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} سقطت من الأصل.
5 بناء على أن المراد به القرآن، وفيه أقوال أخرى معتبرة. "د".
6 وهي النظام الكامل في معاملة الخلق والخالق. "د".
7 جاء به من لفظ: "ما" العام. "د".
الصفحة 184