كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
بِالْعَذَابِ، مَعَ تَمَادِيهِمْ عَلَى الْإِبَايَةِ وَالْجُحُودِ بَعْدَ وُضُوحِ الْبُرْهَانِ، وَإِنِ اسْتَعْجَلُوا بِهِ.
- وَمِنْهَا: تَحْسِينُ الْعِبَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى ذِكْرِ مَا يُسْتَحْيَا مِنْ ذِكْرِهِ فِي عَادَتِنَا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النِّسَاءِ: 43، وَالْمَائِدَةِ: 6] .
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التَّحْرِيمِ: 12] .
وَقَوْلِهِ: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَام} [الْمَائِدَةِ: 75] .
حَتَّى إِذَا وَضَحَ السَّبِيلُ فِي مَقْطَعِ الْحَقِّ، وَحَضَرَ وَقْتُ التَّصْرِيحِ بما ينبغي التصريح به1؛ فلا بد مِنْهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [الْبَقَرَةِ: 26] .
{وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الْأَحْزَابِ: 53] .
- وَمِنْهَا: التَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ، وَالْجَرْيُ عَلَى مَجْرَى التَّثَبُّتِ، وَالْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ، وَهُوَ الْمَعْهُودُ فِي حَقِّنَا؛ فَلَقَدْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُجُومًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً؛ حَتَّى قَالَ الْكُفَّارُ: {لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الْفَرْقَانِ: 32] .
فَقَالَ اللَّهُ: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الْفَرْقَانِ: 32] .
وَقَالَ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الْإِسْرَاءِ: 106] .
وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ الْإِنْذَارُ يَتَرَادَفُ، والصراط يستوي بالنسبة إلى كل
__________
1 كذا في الأصل و"ط"، وفي غيرهما: "به".
الصفحة 201