كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
مِنَ النَّاسِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا1، وَرُبَّمَا نَقَلُوا فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ؛ فَعَنِ الْحَسَنِ مِمَّا أَرْسَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْنٌ -بِمَعْنَى ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ- وَكُلُّ حرفٍ حَدٌّ، وَكُلُّ حَدٍّ مَطْلَعٌ" 2.
وَفُسِّرَ3 بِأَنَّ الظَّهْرَ وَالظَّاهِرَ هُوَ ظَاهِرُ التِّلَاوَةِ، وَالْبَاطِنَ هُوَ الْفَهْمُ عَنِ اللَّهِ لِمُرَادِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النِّسَاءِ: 78] .
وَالْمَعْنَى: لَا يَفْهَمُونَ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ مِنَ الْخِطَابِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ نَفْسَ الْكَلَامِ، كَيْفَ وَهُوَ مُنَزَّلٌ بِلِسَانِهِمْ؟ وَلَكِنْ لَمْ يَحْظَوْا4 بِفَهْمِ مُرَادِ اللَّهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عليّ أنه سئل: هل عندكم كتاب؟
__________
1 انظر: "قانون التأويل" "ص196"، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" "13/ 230 وما بعدها".
2 أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" "ص43" -ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" "1/ 262/ رقم 122"- بإسناد ضعيف، فيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف، وهو مرسل.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" "رقم 11, ط شاكر"، والطبراني في "الكبير" "رقم 10090"، والبزار في "المسند" "رقم 2312"، وابن حبان في "الصحيح" "1/ 276/ رقم 75, الإحسان" عن ابن مسعود مرفوعًا: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن".
وإسناده ضعيف، فيه إبراهيم بن مسلم الهجري.
وأخرجه ابن جرير في "التفسير" "رقم 10" من طريق آخر بإسناد فيه مبهم؛ فهو ضعيف، وتكلم البغوي على شرح هذا الحديث بكلام مسهب حسن؛ فراجعه، وانظر أيضًا: "فهم القرآن" للمحاسبي "ص328".
3 المذكور في "تفسير سهل التستري" "ص3".
4 في "ط": "يخصوا".

الصفحة 208