كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

السُّورَةَ إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ"1.
فَظَاهِرُ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُسَبِّحَ بِحَمْدِ رَبِّهِ وَيَسْتَغْفِرَهُ إذ نَصَرَهُ اللَّهُ وَفَتَحَ عَلَيْهِ، وَبَاطِنُهَا أَنَّ اللَّهَ نَعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ.
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: 3] ؛ فَرِحَ الصَّحَابَةُ وَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: "مَا بَعْدَ الْكَمَالِ إِلَّا النُّقْصَانُ"2 مُسْتَشْعِرًا نَعْيَهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فما عاش بعدها إلا واحدًا وثمانين يومًا3.
__________
أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب المغازي، باب إذا جاء نصر الله والفتح، 8/ 20/ رقم 4294، وباب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، 8/ 130/ رقم 4430، وكتاب التفسير، باب قوله: {وَرَأَيْتَ النَّاس ... } ، 8/ 734/ رقم 4969، وباب قوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} ، 8/ 734/ رقم 4970"، والترمذي في "الجامع" "أبواب التفسير، باب سورة النصر، 5/ 450/ رقم 3362" -وقال: "هذا حديث حسن صحيح"- وأحمد في "المسند" "1/ 337، 344 مختصرًا"، والطبراني في "المعجم الكبير" "10/ 321/ رقم 10617"، والحاكم والبزار وابن سعد كما قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" "4/ 321".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" "8/ 140, ط دار الفكر" عن محمد بن فضيل، وابن جرير في "تفسيره" "6/ 52" من طريق سفيان عن ابن فضيل، والواحدي في "الوسيط" "2/ 154" من طريق سهل بن عثمان، كلاهما "هو وابن فضيل" عن هارون بن عنترة عن أبيه؛ قال: لما نزلت وذكر نحوه، ومضى لفظه عند المصنف "1/ 152"، وأخرجه ابن جرير من طريق أحمد بن بشير عن هارون به.
وإسناده ضعيف، أبو هارون عنترة بن عبد الرحمن، وثقه أبو زرعة وأبو حاتم، روى له النسائي حديثًا واحدًا عن ابن عباس، وروايته هذه مرسلة، وانظر: "الدر المنثور" "3/ 18".
وقال ابن كثير في "التفسير" "2/ 24": "ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: "إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا؛ فطوبى للغرباء". قلت: انظر ما قدمناه "1/ 151".
3 أسنده ابن جرير في "التفسير "6/ 80" عن ابن جريج، وذكره السمرقندي في "بحر العلوم" "1/ 416, ط لبنان"، وابن كثير في "التفسير" "2/ 14".

الصفحة 211