كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

فَصْلٌ:
وَقَدْ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ تَفَاسِيرُ مُشْكِلَةٌ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْبَاطِنِ الصَّحِيحِ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ لِأُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرُبَّمَا نُسِبَ مِنْهَا إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ.
فَمِنْ ذَلِكَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ1 نَحْوَ {الم} ، وَ {المص} , وَ {حم} ، وَنَحْوِهَا فُسِّرَتْ بِأَشْيَاءَ، مِنْهَا مَا يَظْهَرُ جَرَيَانُهُ عَلَى مَفْهُومٍ صَحِيحٍ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَيَنْقُلُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 فِي {الم} أَنَّ "أَلِفٌ" اللَّهُ، و"لام" جبريل، و"ميم" مُحَمَّدٌ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَذَا إِنْ صَحَّ فِي النَّقْلِ؛ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ هَذَا النَّمَطَ من التصرف لم يثبت
__________
1 تجد كلامًا محققًا جيدًا حولها في "قانون التأويل" "208 وما بعدها"، و"معرفة قانون التأويل" "ق 27/ أ" -حيث أورد فيه اثني عشر قولًا لعلماء التفسير وسبعة أقوال للصوفية- كلاهما لابن العربي، و"تفسير الطبري" "1/ 67-74"، و"تأويل مشكل القرآن" "299" لابن قتيبة، و"العقل وفهم القرآن" "329" للمحاسبي، و"بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم" "1/ 259-264"، و"بدائع الفوائد" "3/ 45-47"، و"الكشاف" "1/ 12-19"، و"البحر المحيط" "1/ 34" لابن حيان، و"تفسير الرازي" "2/ 3-13"، و"تفسير القرطبي" "1/ 154"، و"البرهان" "1/ 214-216، و"معترك الأقران" "1/ 156"، و"الإتقان" "2/ 11 وما بعدها"، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" "17/ 398"، و"الإعجاز البياني للقرآن" "136" لبنت الشاطئ، و"براعة الاستهلال في فواتح القصائد والسور" "ص99-302"، وفيه جمع واسع لما قيل في معاني الحروف المذكورة في أوائل السور.
2 حكاه أبو الليث في "بحر العلوم" "1/ 89"، وغيره ولم ينسبوه لابن عباس، وقال المناوي في "الفتح السماوي" "1/ 126": "هذا لا يعرف عن ابن عباس ولا غيره من السلف"، وتابعه ابن همات في "تحفة الراوي" "ق 8/ ب"، وورد عنه أقوال كثيرة كما تراه في "الدر المنثور" "1/ 55-59".
وفي "ط": "في "الم"، وفي غيره: "أن الم"، قال "ف": "إن "الم": لعله في "الم".

الصفحة 235