كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
قَالُوا جَمِيعًا كُلُّهُمْ بِلَافَا1
وَقَالَ:
وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا2
وَالْقَوْلُ فِي {الم} لَيْسَ3 هَكَذَا، وَأَيْضًا، فَلَا دَلِيلَ مِنْ خَارِجٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ لَهُ دَلِيلٌ لَاقْتَضَتِ4 الْعَادَةُ نَقْلَهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا لَوْ صَحَّ أَنَّهُ مِمَّا يُفَسَّرُ وَيُقْصَدُ تَفْهِيمُ مَعْنَاهُ، وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَشَابِهَاتِ، فَإِنْ ثَبْتَ لَهُ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ صِيرَ إِلَيْهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ فَرِيقٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِشَارَةُ إِلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ بِجِنْسِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَهِيَ الْعَرَبِيَّةُ، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ، كَمَا أَنَّهُ نُقِلَ أَنَّ هَذِهِ الْفَوَاتِحَ أَسْرَارٌ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ؛ فَهِيَ من قبيل
__________
1 في "م": "بلى؛ فلا"، وأورده السيوطي في "الإتقان" "2/ 12"، وأوله:
"ناداهم ألا الحموا ألا نا ... قالوا جميعًا كلهم ألا فا"
وقال: "أراد: ألا تركبون ألا فاركبوا".
2 الراجز هو لقيم بن أوس، وأوله: "بالخير خيرات وإن شرًّا فا"؛ كما في "الكامل" "236"، و"شرح شواهد الشافية" "262"، و"الهمع" "2/ 210، 236"، و"اللسان" "مادة تا"، و"المحرر الوجيز" "1/ 83"، وعزاه إلى زهير بن أبي سلمى، و"تفسير ابن كثير" "1/ 39"، و"الكتاب" "3/ 321"، لسيبويه، و"الإتقان" "2/ 12"، و"شرح أبيات سيبويه" "2/ 277" لابن السيرافي، و"تفسير ابن جرير" "1/ 70"، و"براعة الاستهلال" "197"، قال سيبويه في "الكتاب" "3/ 321": "يريد: إن شرًّا فشر، ولا يريد الشر إلا أن تشاء".
3 الأمثلة الثلاثة أدلتها من اللفظ، وليس في "الم" ما يدل على هذا التفسير من اللفظ، وقوله: "وأيضًا"؛ أي: ولا قرينة خارجة عن اللفظ أيضًا، وهو ما سماه بالدليل الحالي أي: غير المقالي، وقوله: "لو صح ... إلخ" تأكيد لأضعاف هذا المعنى؛ فإن الراجح أن أوائل السور من المتشابه الذي اختص الله بعلمه. "د".
4 في "ط": "لاقتضاء".
الصفحة 237