كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

[النِّسَاءِ: 51] ، قَالَ1: "رَأْسُ الطَّوَاغِيتِ كُلِّهَا النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ إِذَا خَلَى الْعَبْدُ مَعَهَا لِلْمَعْصِيَةِ".
وَهُوَ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ فَعَلَى مَا مَرَّ2 فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [الْبَقَرَةِ: 22] .
وَقَالَ3 فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} الْآيَةَ [النساء: 36] : "وأما بَاطِنُهَا؛ فَهُوَ الْقَلْبُ، {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النِّسَاءِ: 36] : النَّفْسُ الطَّبِيعِيُّ4، {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النِّسَاءِ: 36] : الْعَقْلُ الْمُقْتَدِي بِعَمَلِ الشرع، {وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: 36] : الجوارح الْمُطِيعَةُ لِلَّهِ, عَزَّ وَجَلَّ".
وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمُشْكِلَةِ فِي كَلَامِهِ، وَلِغَيْرِهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَارِيَ عَلَى مَفْهُومِ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْخِطَابِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ابْتِدَاءً، وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ، لَا مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَلَا مَنْ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تَفْسِيرٌ لِلْقُرْآنِ يُمَاثِلُهُ أَوْ يُقَارِبُهُ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفًا لَنُقِلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَحْرَى بِفَهْمِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَاطِنِهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ5، وَلَا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عَلَيْهِ أَوَّلُهَا، وَلَا هُمْ أَعْرَفُ بِالشَّرِيعَةِ مِنْهُمْ، ولا أيضًا
__________
1 في "تفسيره" "ص46" عند قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} .
2 أي: يكون أخذه من معنى الآية وإن لم تنزل فيه من الاعتبار، لكنه فيما مر نفي أن يكون تفسيرًا، وكان هذا أهم شيء في الجواب عن كلامه في معنى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22] . "د".
3 في "تفسيره" "ص45".
4 في "تفسير سهل": "والجار الجنب: هو الطبيعة". وفي "ط": "النفس الطبعي".
5 في "ط": "الأمة".

الصفحة 248