كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)
لِجَهْلِهِ.
وَمِثْلُهُ مَا فِي "الصَّحِيحِ"1 أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ2: "اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ لَهُ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ3 مُعَذَّبًا؛ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ4 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ؛ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ5 بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا6 مِنْ كِتْمَانِهِمْ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آلِ عِمْرَانَ: 187] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 188] "؛ فَهَذَا7 من ذلك المعنى أيضًا.
__________
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب التفسير، باب {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ، 8/ 233/ رقم 4568".
2 فاهمًا أن الموصول في قوله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآية على عمومه شامل لكل من يؤتى شيئًا أو يأتي شيئًا، كما قيل: فيفرح به فرح إعجاب، ويود أن يحمده الناس بما هو عار عنه من الفضائل. "ف".
3 في "الصحيح": "يعمل".
4أي: إن الآية نزلت في شأن خاص بأهل الكتاب بدليل قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} ؛ فليس الموصول على عمومه شاملًا لما ذكر."ف".
5 في "ط": "عليه".
6 في "الصحيح": "أتوا".
7 فمروان أفرد الآية عما قبلها، فظن العموم؛ فبين له الحبر في جوابه ما يتنزل عليه هذا العموم، بمساعدة سياق الآية والقصة التي نزلت فيها، ومن أدب المؤلف مع مروان قوله: "فهذا من ذلك المعنى"، ولم يقل لعدم تمكن مروان من فهم مقاصد الشريعة، وقوله: "فجوابهم"؛ أي: الأجوبة التي سبقت عن توقفهم في الآيات الثلاث. "د".
قلت: وانظر "البرهان في علوم القرآن" "1/ 27-28". قال "ف": ""أوتوا" قرئ بضم الهمزة؛ أي: أو أعطوا، وبفتحها مقصورة وممدودة".
الصفحة 32