كتاب الموافقات (اسم الجزء: 4)

أَعْنَاقَكُمْ، وَزَلَّةِ عَالِمٍ، وَجِدَالِ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ؟ "1.
وَمِثْلُهُ عَنْ سَلْمَانَ أَيْضًا2.
وَشَبَّهَ الْعُلَمَاءُ زَلَّةَ الْعَالِمِ بِكَسْرِ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهَا إِذَا غَرِقَتْ غَرِقَ مَعَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ3.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "وَيْلٌ لِلْأَتْبَاعِ مِنْ عَثَرَاتِ الْعَالِمِ. قِيلَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: يَقُولُ الْعَالِمُ شَيْئًا بِرَأْيِهِ، ثُمَّ يَجِدُ4 مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ؛ فَيَتْرُكُ قَوْلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَمْضِي الْأَتْبَاعُ"5.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ حَقِيقٌ أَنَّ تَهْدِمَ الدِّينَ، أَمَّا زَلَّةُ الْعَالِمِ؛ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَمِثَالُ كَسْرِ السَّفِينَةِ وَاقِعٌ فِيهَا، وَأَمَّا الْحُكْمُ الْجَائِرُ؛ فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَأَمَّا الْهَوَى الْمُتَّبَعُ؛ فَهُوَ أَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَمَّا الْجِدَالُ بِالْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ -اللَّسِنِ الْأَلَدِّ- مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مَهِيبٌ6 جِدًّا، فَإِنْ جَادَلَ بِهِ مُنَافِقٌ عَلَى بَاطِلٍ أَحَالَهُ حقًّا7،
__________
1 أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "رقم 1872" بسند حسن، وقد روي مرفوعًا، ولا يصح، والموقوف هو الصحيح؛ كما قال الدارقطني في "العلل" "6/ 81/ رقم 992".
2 يشير إلى ما أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "رقم 1873" بسنده إلى سلمان, رضي الله عنه: "كَيْفَ أَنْتُمْ عِنْدَ ثَلَاثٍ: زَلَّةِ عَالِمٍ، وَجِدَالِ منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم؟ ".
3 قول المصنف: "وشبه العلماء زلة العلم ... " من كلام ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" "2/ 982".
4 ومن ذلك كان مالك يكره كتابة العلم عنه؛ أي: الفروع خشية أن ينشر عنه في الآفاق، وقد يرجع عنه. "د".
5 أخرجه البيهقي في "المدخل" "رقم 835، 836"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" "2/ 14" وابن عبد البر في "الجامع" "رقم 1877".
قال "ف" شارحًا معناه: "أي على ما قال العالم برأيه مع أنه قد تركه لظهور مخالفته" ا. هـ.
6 فتتقي مخالفته ولو على الوجه الذي يزينه المنافق بسلاطة لسانه. "د".
7 في الأصل و"ف": "أسأل كونه حقًّا" وفي "ط": "أحال كونه حقًّا"، وتفردت نسخة الأصل بحذف الواو بعدها.

الصفحة 90