كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)

مِنْهَا، فَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ قَدْ تَكَفَّلَ بِبَيَانِهَا أَخْذًا عَنْ1 صَاحِبِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الِانْتِقَالِ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ2 مِنْهَا، فَزَعْمُ الزَّاعِمِ أَنَّهَا مِنْهَا خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَدَعْوَى غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.
وَقَدْ وَقَعَ فِي "نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ"3 مِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ.
وَيُذْكَرُ عَنِ الْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ4 أَنَّهُ سُئِلَ: مَا تَقُولُ فِيمَا اضْطَرَّ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ -وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ- مِنْ مُعَامَلَةِ فُقَرَاءِ أَهْلِ الْبَدْوِ فِي سِنِي الْجَدْبِ؛ إِذْ يَحْتَاجُونَ إِلَى الطَّعَامِ فَيَشْتَرُونَهُ بِالدَّيْنِ إِلَى الْحَصَادِ أَوِ الْجِذَاذِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالُوا لِغُرَمَائِهِمْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا الطَّعَامُ، فَرُبَّمَا صَدَقُوا فِي ذَلِكَ؛ فَيَضْطَرُّ أَرْبَابُ الدُّيُونِ إِلَى أَخْذِهِ مِنْهُمْ، خَوْفًا أَنْ يَذْهَبَ حَقُّهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ5 لِفَقْرِهِمْ، وَلِاضْطِرَارِ مَنْ كَانَ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ حَضَرِيًّا إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى حَاضِرَتِهِ، وَلَا حُكَّامَ بِالْبَادِيَةِ أَيْضًا، مَعَ مَا فِي الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ مِنَ الرُّخْصَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ، وَإِبَاحَةُ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ خِلَافًا لِلْقَوْلِ بِالذَّرَائِعِ.
__________
1 في "م": "من".
2 في "م": "يكن".
3 انظر: "فتاويه" المطبوعة "3/ 1537"، وهي النوازل على ما ذكر المحقق في أولها "1/ 39".
4 نقله عنه صاحب "المعيار المعرب" وعنه المسناوي في تآليفه في "الاستنابة"، وعنه صاحب "رفع العتاب والملام" "ص64".
5 هذه المسألة تنتهي في التفريع إلى أربع وخمسين مسألة، على ما فصله ابن رشد في "المقدمات" "2/ 526-536"، و"النوازل" أو "الفتاوى" "1/ 384-401"، وعنه التاودي في "حلي المعاصم" "2/ 322 وما بعدها"، وميارة في "شرح التحفة" "2/ 204"، والمواق في "التاج والإكليل" "5/ 59 وما بعدها"، وغيرهم.

الصفحة 100