كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
الْأَحْكَامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ، لَمْ يَحِلَّ لَهُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى، وَلَا حَلَّ لِمَنْ فِي زَمَانِهِمْ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يقَّرهم عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَسْكُتَ عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ عَلَى الْخُصُوصِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَانُوا خُلَقَاءَ1 بِالْإِقْدَامِ فِيهِ، فَالِاجْتِهَادُ مِنْهُمْ وَمِمَّنْ كَانَ مِثْلَهُمْ وَبَلَغَ فِي فَهْمِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ مَبَالِغَهُمْ صَحِيحٌ، لَا إِشْكَالَ فِيهِ، هَذَا عَلَى فَرْضِ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَبْلَغَ الْمُجْتَهِدِينَ، فَأَمَّا إِذَا بَلَغُوا تِلْكَ الرُّتْبَةَ فَلَا إِشْكَالَ أَيْضًا فِي صحة اجتهادهم على الإطلاق2 والله أعلم.
__________
1 في "م" و"ط" و"ف" بالفاء، وعلق "ف": "لعله بالقاف جمع خليق".
قلت: وهو كذلك في الأصل و"د".
2 ظاهره أن اجتهادهم في هذه الحالة مطلق؛ كالأئمة الأربعة، ولك أن تقول مطلق، أي شامل للاجتهادين وإن كانوا منتسبين إلى أئمتهم متقيدين بقواعدهم لعدم بلوغهم درجة تأسيس الأصول. "ف".
الصفحة 127