كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
علم وصناعة أن لا تُعْرَفَ إِلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، إِذْ1 فُرِضَ مِنْ لُزُومِ الْعِلْمِ2 بِهَا الْعِلْمُ بِمَقَاصِدِ الشَّارِعِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ فَمَا أَدَّى إِلَيْهِ مِثْلُهُ، فَقَدْ حَصَلَتِ الْعُلُومُ وَوَجَدْتَ مِنَ الْجُهَّالِ بِالشَّرِيعَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَمِنَ الْكُفَّارِ الْمُنْكِرِينَ لِلشَّرِيعَةِ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْعُلَمَاءَ3 لَمْ يَزَالُوا يُقَلِّدُونَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرُوا أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِمَا قُلِّدُوا فِيهِ خَاصَّةً، وَهُوَ التَّقْلِيدُ فِي تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ فِي هَذَا الِاجْتِهَادِ الْمَعْرِفَةُ بِمَقَاصِدِ الْمُجْتَهِدِ فِيهِ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِينَ4 كَذَلِكَ، فَالِاجْتِهَادُ فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ يَلْزَمُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ بِمَقَاصِدِ [الْعَرَبِيَّةِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ يَلْزَمُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي مَنَاطِ الْأَحْكَامِ يَلْزَمُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ بِمَقَاصِدِ] 5 ذَلِكَ الْمَنَاطِ، مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ لَا من وجه غيره، وهو ظاهر.
__________
1 في "م": "إذا".
2 أي: وهو الذي قلنا: إنه يتوقف عليه تحقيق المناط. "د".
أما "ف"، فقال: "لعله من لازم العلم".
3 أي: مطلقًا مجتهدين ومقلدين. "د".
4 وهما الاجتهاد من النصوص ومن المعاني، واقتصر في تفريعه على الأول. "د".
5 سقط من جميع النسخ إلا من "ط".
الصفحة 130