كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)

فَصْلٌ:
وَقَدْ وَجَدْنَا فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى بَعْضِ الْفِرَقِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّ الْحَدِيثَ شَامِلٌ لَهَا، وَأَنَّهَا مَقْصُودَةُ الدُّخُولِ تَحْتَهُ، فَإِنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءُ1 تُشِيرُ إِلَى أَوْصَافٍ يُتَعَرَّفُ مِنْهَا أَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا، فَهُوَ آخِذٌ فِي بِدْعَةٍ، خَارِجٌ عَنْ مُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَمَنْ تَتَبَّعَ مَوَاضِعَهَا رُبَّمَا اهْتَدَى إِلَى جُمْلَةٍ مِنْهَا، وَرُبَّمَا وَرَدَ التَّعْيِينُ فِي بَعْضِهَا، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْخَوَارِجِ: "إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ 2 هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ" 3.
وَفِي رِوَايَةٍ: "دَعْهُ -يَعْنِي: ذَا الْخُوَيْصِرَةِ-، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا َيحقُر أحدُكم صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ،
__________
1 ستأتي له في العلامات التفصيلية في الفصل التالي لهذا الفصل. "د".
2 الضئضئ؛ بكسر الضادين، وضمهما: الأصل والمعدن، وفي الحديث ان رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم، فقال له: اعدل؛ فإنك لم تعدل. فقال: "يخرج من ضئضئ هذا ... " الحديث؛ أي: يخرج من أصله ونسله، والرمية: الصيد الذي ترميه، فتقصده وينفذ فيه سهمك، وقيل: كل دابة مرمية. "ف" و"م".
وقال "ماء": "ضئضئ، أي: خالص".
3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب التوحيد، باب قول الله {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه} ، 13/ 415-416/ رقم 7432" -بنحوه-، والمذكور لفظ مسلم في "صحيحه" "كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، 2/ 741-742/ رقم 1064 بعد 143" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

الصفحة 148