كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
إِلَيَّ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 145] ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَحَلَالٌ، وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا كَفَرَ كَفَرَتْ رَعِيَّتُهُ كُلُّهُمْ شَاهِدُهُمْ وَغَائِبُهُمْ، وَأَنَّ التَّقِيَّةَ لَا تَجُوزُ فِي قَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ، وَأَنَّ الزَّانِيَ لَا يُرْجَمُ بِإِطْلَاقٍ، وَالْقَاذِفَ لِلرِّجَالِ لَا يُحَدُّ وَإِنَّمَا يُحَدُّ قَاذِفُ النِّسَاءِ خَاصَّةً، وَأَنَّ الْجَاهِلَ مَعْذُورٌ1 فِي أَحْكَامِ الْفُرُوعِ بِإِطْلَاقٍ، وَأَنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ نَبِيًّا مِنَ الْعَجَمِ بِكِتَابٍ يُنَزِّلُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَيَتْرُكُ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ2، وَأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَكُونُ مُطِيعًا بِفِعْلِ الطَّاعَةِ غَيْرَ قَاصِدٍ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنْكَارُهُمْ سُورَةَ يُوسُفَ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ3 وَكُلُّهَا مُخَالَفَةٌ لِكُلِّيَّاتٍ شَرْعِيَّةٍ أَصْلِيَّةٍ أَوْ عَمَلِيَّةٍ.
وَلَكِنَّ الْغَالِبَ فِي هَذِهِ الْفِرَقِ أَنْ يُشَارَ إِلَى أَوْصَافِهِمْ لِيُحَذَّرَ مِنْهَا، وَيَبْقَى الْأَمْرُ فِي تَعْيِينِهِمْ مُرْجًى كَمَا فَهِمْنَا مِنَ الشَّرِيعَةِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ تَعْيِينِهِمْ هُوَ الْأَوْلَى الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَزَمَ لِيَكُونَ سِتْرًا عَلَى الْأُمَّةِ، كَمَا سُتِرَتْ عَلَيْهِمْ قَبَائِحُهُمْ، فَلَمْ يُفْضَحُوا فِي الدُّنْيَا بِهَا فِي الْحُكْمِ الْغَالِبِ الْعَامِّ، وَأُمِرْنَا بِالسَّتْرِ عَلَى الْمُذْنِبِينَ مَا لَمْ يَبْدُ لَنَا صَفْحَةُ الْخِلَافِ، لَيْسَ كَمَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أذنب
__________
1 يناقض قولهم سابقًا: إن الْفَاعِلَ لِلْفِعْلِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ حَلَالٌ أو حرام فليس بمؤمن، فلا يعذر بالجهل حتى ولا في الحكم بخروجه عن الإسلام، ولا يخفى أن ما سبق لهم في الفروع. "د".
قلت: العذر بالجهل في الفروع هو مذهب النجدات منهم، قاله البغدادي في "أصول الدين" "ص332".
2 هذا زعم اليزيدية، وإنكار سورة يوسف مذهب الميمونية منهم، أفاده البغدادي في "أصول الدين" "ص332-333"، وقال: "فهذه الفرقة منهم -أي: اليزيدية- مع الميمونية في أعداد المرتدين".
3 انظر: "أصول الدين" "ص332-333"، و"الملل والنحل" "1/ 114-138"، و"اعتقادات فرق المشركين" "51"، و"الفصل في الملل" "3/ 189"، و"التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" "ص51".
الصفحة 151