كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
فَأَمَّا عَلَامَاتُ الْجُمْلَةِ فَثَلَاثٌ:
إِحْدَاهَا: الْفُرْقَةُ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: 159] .
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 105] .
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ.
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ1: "صَارُوا فِرَقًا لِاتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ، وَبِمُفَارَقَةِ الدِّينِ تَشَتَّتْ أَهْوَاؤُهُمْ فَافْتَرَقُوا، وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الْأَنْعَامِ: 159] ، ثُمَّ بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الْأَنْعَامِ: 159] ، وَهُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ [وَأَصْحَابُ الضَّلَالَاتِ] وَالْكَلَامِ فِيمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ وَلَا رَسُولُهُ".
قَالَ: "وَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامِ الدِّينِ، وَلَمْ يَفْتَرِقُوا وَلَمْ يَصِيرُوا2 شِيَعًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوا الدِّينَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فما أُذِنَ لَهُمْ مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ، وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيمَا لَمْ يَجِدُوا فِيهِ نَصًّا، وَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ أَقْوَالُهُمْ، فَصَارُوا مَحْمُودِينَ؛ لِأَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِيمَا أُمِرُوا بِهِ، كَاخْتِلَافِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ [وَعَلِيٍّ] وَزَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْأُمِّ3، وقول عمر
__________
1 في "الاعتصام" "2/ 733 - ط ابن عفان": "قال بعض العلماء ... " وساقه بنصه، وما بين المعقوفتين منه، وسقط من الأصل و"ط" في الأصل و"ط" وجميع النسخ المطبوعة.
وانظر في تفسير الآية: "الكشاف" "2/ 50"، و"تفسير القرطبي، "7/ 149-150"، و"نظم الدرر" "7/ 344-335"، و"روح المعاني" "8/ 68".
2 في "الاعتصام": "ولم يتفرقوا، ولا صاروا....".
3 وكذا في "الاعتصام" "2/ 734 - ط ابن عفان"، وفي هامش الأصل: "لعله "مع الإخوة""، وكذا أثبته "د"، وفصل "ف"، فقال: "لعله في الأخوة مع الجد إذ لا نعلم خلافًا بين =
الصفحة 160