كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
وَقَالَ أَشْهَبُ1: "وَرَآنِي أَكْتُبُ جَوَابَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: لَا تَكْتُبْهَا؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَثْبُتُ عَلَيْهَا أَمْ لَا".
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ2: "سَمِعْتُهُ يَعِيبُ كَثْرَةَ الْجَوَابِ مِنَ الْعَالِمِ حِينَ يُسأل، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ عِنْدَمَا يُكْثَرُ عَلَيْهِ مِنَ السُّؤَالِ يَكُفُّ، وَيَقُولُ: حَسْبُكُمْ! مَنْ أَكْثَرَ أَخْطَأَ، وَكَانَ يَعِيبُ كَثْرَةَ ذَلِكَ، وَقَالَ: يَتَكَلَّمُ كَأَنَّهُ جَمَلٌ مُغْتَلِمٌ3 يَقُولُ: هُوَ كَذَا هُوَ كَذَا يُهْدِرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عِرَاقِيٌّ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ دَجَاجَةً مَيِّتَةً فَخَرَجَتْ مِنْهَا بَيْضَةٌ، فَأَفْقَسَتِ الْبَيْضَةُ عِنْدَهُ عَنْ فَرْخٍ: أَيَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: سَلْ عَمَّا يَكُونُ، وَدَعْ مَا لَا يَكُونُ. وَسَأَلَهُ آخَرُ عَنْ نَحْوِ هَذَا فَلَمْ يُجِبْهُ؛ فَقَالَ لَهُ: لِمَ لَا تُجِيبُنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَقَالَ4: لَوْ سَأَلْتَ عَمَّا تَنْتَفِعُ بِهِ أَجَبْتُكَ".
وَقِيلَ لَهُ5: إِنَّ قُرَيْشًا تَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَذْكُرُ فِي مَجْلِسِكَ آبَاءَهَا وَفَضَائِلَهَا. فَقَالَ: "إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ فِيمَا نَرْجُو بَرَكَتَهُ".
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ6: "كَانَ مَالِكٌ لَا يَكَادُ يُجِيبُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَحْتَالُونَ أَنْ يَجِيءَ رَجُلٌ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُحِبُّونَ أَنْ يَعْلَمُوهَا كَأَنَّهَا مَسْأَلَةُ بَلْوَى، فَيُجِيبُ فِيهَا".
وَقَالَ7 لِابْنِ وَهْبٍ: "اتَّقِ هَذَا الْإِكْثَارَ وَهَذَا السَّمَاعَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ أن
__________
1 مثله في "ترتيب المدارك" "1/ 150".
2 أخرجه الدوري "فيما رواه الأكابر" "36، 53"، بنحون، ومثله في "ترتيب المدارك" "1/ 150"/ وزاد: "يعني: الرجل الذي يجلس لهذا".
3 [أي] : هائج. "ف" و"م".
4 في "ترتيب المدارك" "1/ 150" زيادة "له".
5 في "ترتيب المدارك" "1/ 151": "قال ابن المعدل: قيل لمالك: إن قريشًا ... ".
6 مثله في "ترتيب المدراك" "1/ 151". وفي "ط": "أن يتعلموها".
7 مثله في "ترتيب المدارك" "1/ 151"، وفيه: "اتق هذه الآثار، وهذا السماع ... فقال [له] ... لأعرفه لأحَدِّث. فقال: ما سمع ... إلا تحد َّث به، وعلى ذكر القدر وسعت".
الصفحة 332