ظَاهِرِهِ شَنِيعٌ، وَلَكِنَّهُ فِي التَّحْصِيلِ صَحِيحٌ.
وَوَجْهُ شَنَاعَتِهِ أَنَّ الْكُلِّيَّاتِ الشَّرْعِيَّةَ قَدْ مَرَّ أَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ لَا مَدْخَلَ فِيهَا لِلظَّنِّ، وَتَعَارُضُ الْقَطْعِيَّاتِ مُحَالٌ.
وَأَمَّا وَجْهُ الصِّحَّةِ؛ فَعَلَى تَرْتِيبٍ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ إِذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ لَهُ اعْتِبَارَانِ؛ فَلَا يَكُونُ تَعَارُضًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَكَذَلِكَ الجزئيان1 إذا دخلا تحت
__________
= يقتضى أن الفاتحة واجبة على المأموم، والثاني يقتضي أن المأموم يكفيه عنها قراءة إمامه لها، فعموم كل منهما يقابله خصوص الآخر ويعارضه، وكذا ما بين حديث: "من نام عن صلاة أو نسيها؛ فليصلها إذا ذكرها" *، وحديث النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها**، ولا يخفى أنهما جزئيتان كلتاهما داخلة تحت كلية الصلاة، وقد أعملوا كلًا من الدليلين على خلاف في طريق الإعمال، ويمكن إدخال ذلك في الصورة الثانية في الأمر الثاني، أما مالك؛ فقد التمس إزالة المعارضة في مسألة الفاتحة من خارج عنهما، وهو حديث جابر: قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصلِّ؛ إلا أن يكون وراء الإمام"***، وعلى كل حال؛ فقد أعملهما معًا. "د".
1 أعاده ومثل له مع دخوله في الأمر الثاني من الصورة الثانية ليرتب عليه بيان الكليين إذا تعارضا وكان لهما اعتباران؛ لأنهما مثلهما في ذلك كما قال: "وأما التعارض في الكليين على ذلك الاعتبار ... إلخ. "د".
__________
* أخرجه البخاري في "صحيحه" "رقم 597"، ومسلم في "صحيحه" "رقم 684" عن أنس رضي الله عنه بنحوه.
** مضى تخريجه "2/ 516"، "وهو صحيح".
*** أخرجه الخلعي في "فوائده" "ق47/ أ" عن يحيى بن سلام عن مالك عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعًا، وإسناده ضعيف، يحيى بن سلام ضعفه الدراقطني، وقال الزيلعي في "نصب الراية" "1/ 10": "هذا باطل لا يصح عن مالك"، والصواب أنه موقوف على جابر؛ كما عند البيهقي" "2/ 160".