كتاب الموافقات (اسم الجزء: 5)
مُوَافِقًا لَهُ فِي الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا ما تناظرا1 فيه، أولا.
فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ صَحَّ إِسْنَادُهُ2 إِلَيْهِ وَاسْتِعَانَتُهُ بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَبْقَى لَهُ تَحْقِيقُ3 مَنَاطِ الْمَسْأَلَةِ الْمُنَاظَرِ فِيهَا، وَالْأَمْرُ سَهْلٌ فِيهَا؛ فَإِنِ اتَّفَقَا فَحَسَنٌ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى أَمْرٍ ظَنِّيٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، وَلَا مَفْسَدَةَ فِي وُقُوعِ الْخِلَافِ هُنَا حَسْبَمَا تَبَيَّنَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَمْثِلَةُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ، يَدْخُلُ فِيهَا أَسْئِلَةُ الصَّحَابَةِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا فِي سُؤَالِهِمْ4 عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم} [الْأَنْعَامِ: 82] .
وَعِنْدَ نُزُولِ5 قَوْلِهِ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه} الآية [البقرة: 284] .
وسؤال ابن أم كتوم حِينَ نَزَلَ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 95] ، حَتَّى نَزَلَ6 {غَيْرُ أُولِي الضَّرَر} [النِّسَاءِ: 95] .
وَسُؤَالِ عَائِشَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ
__________
1 في "ط" و"م": "تناظر".
2 في "ط": "استناده".
3 بل وتحقيق الأدلة الجزئية من كتاب وسنة أو قياس.. إلخ.
4 مضى لفظه وتخريجه في "3/ 402".
5 مضى لفظه وتخريجه في "4/ 37".
6 يشير المصنف إلى ما أخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب الجهاد، باب قول الله عز وجل {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، 6/ 45/ رقم 2831" عن البراء؛ قال: "لما نزلت: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدًا؛ فجاءه بكتف فكتبها، وشكا ابن أم مكتوبة ضرارته؛ فنزلت: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَر} .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" "رقم 2832، وبرقم 4592" عن زيد بن ثابت بنحوه.
الصفحة 409